78

Полное собрание сочинений имама Мухаммада аль-Хидра Хусейна

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Исследователь

علي الرضا الحسيني

Издатель

دار النوادر

Номер издания

الأولى

Год публикации

1431 AH

Место издания

سوريا

Жанры

﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا﴾:
الفراش: ما يفترشه الإنسان ليستقر عليه بنحو الجلوس أو المنام. ومعنى جعل الأرض فراشًا: خلقها موطأة كالفراش؛ بحيث يتيسر الاستقرار عليها، والتقلب في مناكبها، والانتفاع بما أودع الله فيها من خيرات. وتصوير الأرض بصورة الفراش لا ينافي كونها مكوّرة؛ لأن الكرة إذا عظمت جدًا، كانت القطعة منها كالسطح في إمكان الانتفاع به.
﴿وَالسَّمَاءَ بِنَاءً﴾:
يقال لسقف البيت: بناء؛ أي: جعل السماء كالسقف للأرض؛ لأنها تظهر كالقبة المضروبة فوقها؛ كما قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ﴾ [الأنبياء: ٣٢]. ونبه للاعتبار بخلق الأرض قبل التنبيه للاعتبار بخلق السماء؛ لأن الأرض أقرب من المخاطبين، وانتفاعهم بها أظهر وأكثرُ من انتفاعهم بالسماء.
قال الجاحظ: "إذا تأملت هذا العالم، وجدته كالبيت المعد فيه كل ما يحتاج إليه، فالسماء مرفوعة كالسقف، والأرض ممدودة كالبساط، والنجوم منورة كالمصابيح، والإنسان كمالكِ البيت المتصرف فيه، وضروب النبات مهيأة لمنافعه، وضروب الحيوان مصرفة لمصالحه. فهذه جملة واضحة دالة على أن العالم مخلوق بتدبير كامل، وتقدير شامل، وحكمة بالغة، وقدرة غير متناهية".
﴿وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ﴾:
﴿السَّمَاءِ﴾: السحاب. والثمر: ما ينتجه الشجر. والرزق: ما يصلح لأن ينتفع به. والباء في قوله: ﴿بِهِ﴾ للسببية؛ أي: إنه جعل الماء سببًا في

1 / 44