265

Полное собрание сочинений имама Мухаммада аль-Хидра Хусейна

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Редактор

علي الرضا الحسيني

Издатель

دار النوادر

Номер издания

الأولى

Год публикации

1431 AH

Место издания

سوريا

Жанры

﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا﴾:
المشار إليه بقوله: ﴿هَذَا﴾: مكة المكرمة. والبلد: كل قطعة من الأرض عامرة أو غامرة. و﴿آمِنًا﴾: ذا أمن؛ أي: مكانًا فيه أمن، وهو أمن أهله. وليس المراد أن البلد نفسه أمن؛ لأن الأمن والخوف لا يلحقان البلد، وإنما يلحقان أهل البلد، وبيان اللغة يسع إجراء أوصاف أهل البلد على البلد في نظم الكلام.
﴿وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾:
﴿وَارْزُقْ﴾: من رزقه يرزقه: إذا أعطاه ما ينتفع به من مأكول وغيره. والثمرات: جمع ثمرة، وهي ما يحمله شجر أو زرع أو غيره من النبات. طلب إبراهيم ﵇ من الله أن يجعل مكة بلدًا آمنًا، وأن يرزق أهلها من الثمرات ما يسد حاجاتهم؛ لأن البلد إذا امتدت فيه ظلال الأمن، وكانت مطالب الحياة فيه ميسرة، أقبل أهله على طاعة الله، وتفرغوا لذلك بقلوب مطمئنة.
﴿مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾:
دعا إبراهيم ﵇ لأهل مكة بأن يُرزقوا من الثمرات، وأهل مكة؛ أي: المقيمون بها قد يكون من بينهم كافرون، فأراد تخصيص المؤمنين منهم بدعائه، فاتبع قوله: ﴿أَهْلَهُ﴾ بقوله: ﴿مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ﴾ على وجه البدل؛ فصار المعنى: وارزق المؤمنين من أهله؛ على ما تقتضيه القاعدة العربية من أن البدل، وهو هنا: ﴿مَنْ آمَنَ﴾ هو المقصود بطلب الرزق، واقتصر على ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر في التعبير عن المؤمن، لأن الإيمان بالله واليوم الآخر لا يقع على الوجه الحق إلا إذا صاحبه الإيمان بكتب الله ورسله وملائكته.

1 / 231