في الدنيا، والسعادة في الأخرى.
﴿وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾:
الضمير في قوله: ﴿بِهِ﴾ عائد إلى القرآن المشار إليه في قوله تعالى: ﴿وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ﴾، والأولية هنا بالنسبة إلى غير المخاطبين من أهل الكتاب، فلا يرد عليه أن المشركين من قريش كانوا أول من كفر به. والموصوف بقوله: ﴿كَافِرٍ﴾ مقدر بمعنى: فريق. والمعنى: لا تكونوا أول فريق من أهل الكتاب يكفر بالقرآن، فيتبع خطواتكم أناس، وبهذا تصيرون أئمة للكفر، وتكون ضلالتكم أقبح الضلالات أثرًا، وعقوبتكم أشد العقوبات هولًا.
﴿وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا﴾:
الاشتراء: وارد بمعنى: الاستبدال. والآيات: الدلائل الناطقة بصدق النبي ﷺ، وعلى رأسها الآية التي جمعت بين الدعوة والحجة، وهو القرآن المجيد. والثمن القليل: حظوظ الدنيا من نحو الرياسة والمال. والذي يستبدل به الثمن القليل: هو الإيمان بالآيات، وحذفت كلمة الإيمان في نظم الآية على عادة القرآن من الاكتفاء بالقرائن القائمة بوضوح دلالتها مقام الصريح من الألفاظ. ونزل تمكينه من الإيمان بالآيات منزلة حصوله بالفعل، فكأن الإيمان كان في حوزتهم، وتجردوا منه مستبدلين به شيئًا آخر، فمعنى اشترائهم تلك الحظوظ بالإيمان بالآيات: تركهم الإيمان بالآيات، وأخذهم بدله حظوظًا دنيوية هي حقيرة بالنسبة إلى ما يناله أولو الإيمان الخالص من رعاية ضافية في الدنيا، وخيرات حسان في الأخرى.
﴿وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾:
الاتقاء: الحذر. واتقى الله: حذر عقابه. والحذر من عقاب الله يستدعي