وفضله» وابن حزم في «الإحكام» وغيره، إلَّا أن ابن القيم توسَّع فيه وبحث فيه بحثًا مستفيضًا، وأطال في ذكر حجج المقلدين والمانعين من التقليد تحت عنوان «فصل في عقد مجلس مناظرة بين مقلد وبين صاحب حجة»، وبيَّن بطلان التقليد من وجوه كثيرة تزيد على ثمانين وجهًا. وقال في آخره: «وقد أطلنا الكلام في القياس والتقليد، وذكرنا مآخذهما وحجج أصحابهما وما لهم وما عليهم من المنقول والمعقول ما لا يجده الناظر في كتاب من كتب القوم من أولها إلى آخرها، ولا يظفر به في غير هذا الكتاب أبدًا، وذلك بحول الله وقوته ومعونته وفَتْحه، فلله الحمد والمنّة» (٣/ ١٦٩، ١٧٠).
ويظهر أهمية هذا المبحث بكونه عمدة لكل من كتب فيه ممن جاء بعده، مثل: صالح الفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار»، والشوكاني في «القول المفيد»، والنواب صديق حسن خان في «الدين الخالص» وغيره، والسيد رشيد رضا في «محاورات المصلح والمقلد»، و«تفسير المنار»، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي في «أضواء البيان»، وغيرهم ممن ألَّف في هذا الموضوع في الهند والبلاد العربية. ومن جهة ثانية كان هناك اهتمام بالردّ عليه من بعض العلماء، مثل الشيخ حبيب أحمد الكيرانوي في كتابه «الدين القيم» الذي دافع فيه عن وجوب التقليد، وناقش ابن القيم فيما دعا إليه من وجوب اتباع الكتاب والسنة وترك التعصب المذهبي والجمود الفقهي!!
وهناك جانب آخر من جوانب أهمية الكتاب، وهو أنه احتوى على مجموعة من القواعد الفقهية والضوابط الفرعية، قام المؤلف بتحريرها وتخريجها من أبواب مختلفة، وأسهم في تأصيل كثير منها. وقد قام أحد
المقدمة / 59