وبعدما أفاض القول في ذكر أقوال السلف في إبطال الحيل، والرد على احتجاجات أرباب الحيل، وذكر أمثلة كثيرة من الحيل المحرمة؛ ثم ذكر قاعدة في أقسام الحيل ومراتبها، وقسّمها قسمين: القسم الأول: الحيل التي يُقصد بها إبطالُ حقّ وإثبات باطل، وقسَّمها ثلاثة أقسام. والقسم الثاني: أن يقصد بالحيلة أخذ حق أو دفع باطل. وقسَّمه أيضًا إلى ثلاثة أقسام: أحدها أن يكون الطريق محرَّمًا في نفسه، وإن كان المقصود به حقًّا، والثاني أن يكون الطريق مشروعًا وما يفضي إليه مشروع، ونبه على أن كلامه وكلام السلف في ذم الحيل لا يتناول هذا القسم. والقسم الثالث: أن يحتال على التوصل إلى الحق أو على دفع الظلم بطريق مباحة لم توضع أصلا موصلة إلى ذلك، أو وضعت له لكن تكون خفية لا يفطن لها. ومثلها مثل المعاريض في الكلام. ثم أورد ١١٦ مثالًا من هذه الطرق، وآخرها في المخارج من الوقوع في التحليل الملعون فاعلُه والمطلِّقُ المحلَّلُ له. وذكر أنها دائرة بين ما دل عليه الكتاب والسنة أو أحدهما، أو أفتى به الصحابة أو بعضهم أو مخرّج على أقوالهم، أو هو قول الجمهور أو بعض الأئمة الأربعة أو بعض أتباعهم أو غيرهم من العلماء. وهي اثنا عشر مخرجًا. ومن المسائل التي أطال الكلام عليها: الاستثناء في الطلاق.
* فصل في جواز الفتوى بالآثار السلفية والفتاوى الصحابية، وأنها أولى بالأخذ بها من آراء المتأخرين وفتاويهم ... (٤/ ٥٧٦ - ٦٣٨).
مهَّد المؤلف لهذا الفصل بكلمة هي في الحقيقة نفثة مصدور، وكأنه يحكي محنة شيخه ومحنته هو مع فقهاء عصره، إذ قال: «فلا يدري (يعني المفتي أو الحاكم) ما عذره غدًا عند الله إذا سوّى بين أقوال أولئك وفتاويهم
المقدمة / 42