بينهما كلام في ذلك، إلى أن أظهر ابن القيم موافقته للجمهور. وهذه الحادثة وقعت سنة ٧٤٦.
أما كتاب «الفروسية» فهو مطبوع. وقد تناول فيه ابن القيم مسألة المسابقة بالتفصيل، وبعد ما استوفى وجوه القول فيها قال: «فتأمل أيها المنصف هذه المذاهب وهذه المآخذ، لتعلم ضعف بضاعة من قمَّش شيئا من العلم من غير طائل، وارتوى من غير مورد، وأنكر غير القول الذي قلَّده بلا علم، وأنكر على من ذهب إليه، وأفتى به، وانتصر له. فكأن مذهبه وقول من قلّده عيارًا (كذا، والصواب: عيار، بالرفع) على الأمة، بل عيارًا (كذا وقع هنا أيضا) على الكتاب والسنة».
والظاهر أن هذا النص يشير إلى الحادثة المذكورة التي وقعت للمؤلف مع تقي الدين السبكي، ومن ثم استظهر محقق كتاب «الفروسية» في مقدمته (ص ١٣ - ١٤) أن ابن القيم ألَّفه سنة ٧٤٦ أو بعدها بقليل، وقد يفهم منه أيضا أن كتاب «أعلام الموقعين» الذي ذكر فيه كتاب «الفروسية» ألَّفه بعد سنة ٧٤٦.
قلنا: الظاهر من عبارة ابن كثير أن ابن القيم «صنَّف فيه مصنَّفًا من قبل ذلك» أي قبل سنة ٧٤٦ بمدة، وليس بعدها. وقد ثبت من قبل بما لا ريب فيه أن «أعلام الموقعين» أُلِّف قبل سنة ٧٣٨، فيكون تأليفه للفروسية بعد الأعلام، والإحالة عليه في الفروسية لا غبار عليها.
ولكن متى شرع في تأليف الكتاب، ومتى فرغ منه؟ لا سبيل لنا إلى الإجابة عن هذا السؤال، ولكن ما المانع من تحسُّس خبره؟ ولعل بارقة تلوح لنا!
المقدمة / 26