العلَم، وهو ليس بجائز إلا عن نصٍّ من صاحبه». قلنا: وبصرف النظر عن تصحيحه الجازم من غير حجة، هل ذهب على الشيخ أنور شاه أن بعده في العنوان «عن رب العالمين»، فكيف يكون تأويل «الموفقين عن رب العالمين» عنده؟ نعم، لوقال: إن الصواب «... الموفقين عند رب العالمين»، كما ذكر البغدادي في «هدية العارفين» (٢/ ١٥٨)، لكان له وجه من التأويل، مع بُعده عن الصواب أكثر من الأول لتصحيف الكلمتين.
ولم ينته شقاء هذا العنوان بعدُ، إذ قرأ المستشرق الألماني غوستاف فلوجل ــ وهوالذي أخرج الطبعة الأولى من «كشف الظنون» مع ترجمته اللاتينية ــ لفظ «الموقعين» بفتح القاف، وفسره بمعنى المنكوبين الذين ابتلاهم الله بالمصائب!
وهكذا أصيب ثلاثة أخماس هذا العنوان بتصحيف أو تحريف أو سوء تأويل! ولو علم المؤلف ﵀ أن كلمة «الأعلام» المشتركة ستجلب إلى عنوانه الجديد كلّ هذا التخليط لصرَف النظرَ عنه بالكلية، وأبقى على العنوان الأول الصريح الدلالة على ما ضمّن كتابه العظيم من صُوى وأعلام يهتدي بها الفقهاء والمفتون والقضاة. ألا، وهو: «معالم الموقعين عن ربِّ العالمين»، وبه سمِّي الكتاب في ثلاث نسخ من النسخ التي بين أيدينا.
وقد اخترنا عنوان «أعلام الموقعين» لأنه الذي أقرَّه المؤلف أخيرًا لخفته على اللسان، وهو مرادف للفظ «المعالم» الذي ذكره المؤلف في بعض كتبه، ولا فرقَ بينهما في المعنى. أما «إعلام الموقعين» بكسر أوله فبعيد كما سبق تفصيله.
* * * *
المقدمة / 24