وأنت خبير بأن احترام النص هوالذي يحمل المحققَ ــ إذا خالجه شكٌّ في شيء منه ــ على التثبت والتأني والمبالغة في التفتيش والتقصّي. على أننا إن فرضنا أن تحقيق النص يعني محاكمته كما زعم، فإن المحاكمة أيضا تحتاج إلى آلات أخرى كثيرة غير كرسي الحكم!
وهذا التصرف من محقق الكتاب جعلنا نشك في الموضع الآخر الذي نقل فيه ابن العماد من الكتاب باسم «أعلام الموقعين»، ولاسيما لأن الموضعين متقاربان، وكلاهما منقول من المجلد الأول، الذي أكمل مطالعته مطالعةَ تفهُّم سنة ١٠٧٦، قبل الفراغ من تأليف «شذرات الذهب» سنة ١٠٨٠؛ وإن لم يكن ذلك يهمّنا من جهة التسمية نفسها، إذ كان ابن القيم هوالذي سمَّى كتابه بالاسمين، وكلاهما يؤدي المعنى نفسه كما سبق.
أما الذين أفادوا من هذا الكتاب مثل برهان الدين ابن مفلح (ت ٨٨٤)، وعلاء الدين المرداوي (ت ٨٨٥)، وشهاب الدين الشويكي (ت ٩٣٩)، وشرف الدين الحجاوي (ت ٩٦٨)، والبهوتي (ت ١٠٥١) وشمس الدين السفاريني (ت ١١٨٨) وغيرهم ــ وسيأتي تفصيل نقولهم ــ فجُلُّهم أحالوا عليه بعنوان «أعلام الموقعين».
تبيَّن من هذا العرض أن العنوان الأخير وهو «أعلام الموقعين عن ربِّ العالمين» صار أشهر من العنوان الأول، وزاد في شيوعه وانتشاره أنه طبع الكتاب بهذا الاسم. ولكن حدث إشكال في ضبط كلمة الأعلام. يقول الشيخ بكر أبو زيد ﵀ في كتابه «ابن قيم الجوزية» (ص ٢١١): «وهذا (يعني «إعلام الموقعين» بكسر الهمزة) هو الضبط المشتهر على ألسنة علماء قطرنا، أعني في الديار النجدية. ولم أر من ضبطه بالحرف من قدماء النقلة
المقدمة / 19