فقال التميميون: نشهد أن خطيبك أخطب من خطيبنا، وأن شاعرك أشعر من شاعرنا وأنك امرؤ مهيأ لك الخير، وأنك لرسول الله. فأسلموا من حينهم. وكان شعر حسان سبب إسلامهم. فلأي شيء يذم الشعر وهو يفعل هذا؟ (*)
ومن فضل الشعر خرج الترمذي عن أنس بن مالك، أن النبي ﷺ دخل مكة في عمرة القضاء، وعبد الله بن رواحة يمشي بين يديه ويقول (١):
خلّوا بني الكفار عن سبيله ... اليوم نضربكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله
قال عمر: يا ابن رواحة! بين يدي رسول الله ﷺ، وفي حرم الله تقول الشعر؟ فقال رسول الله ﷺ: خلّ عنك يا عمر، فلهي أسرع فيهم من نضح النبل.
ومن فضل الشعر، روي عن عائشة-﵂-أنها قالت سمعت رسول الله ﷺ [يقول] فجاءهم حسان-يعني قريشا-فشفى واشتفى (٢)؛ حين قال (٣) حسان (٤): [٦/أ]
_________
(*) في السيرة النبوية (٤:٥٦٧) أن حسان بن ثابت ﵁ لما فرغ من قوله قال الأقرع بن حابس: «وأبي إن هذا الرجل لمؤتى له، لخطيبه أخطب من خطيبنا ولشاعره أشعر من شاعرنا ولأصواتهم أحلى من أصواتنا. فلما فرغ القوم أسلموا وجوزهم رسول الله ﷺ فأحسن جوائزهم».
(١) انظر العمدة لابن رشيق ١:١٢.
(٢) في الديوان (١ - ١٠) أن حسان ﵁ قال هذه القصيدة قبل فتح مكة، والأبيات المختارة هنا في الرد على أبي سفيان بن الحارث، وكان هجا النبي ﷺ، قبل إسلامه.
(٣) روى أبو الفرج الأصفهاني في ترجمة حسان (دار الثقافة ٤:١٤٧) بلغني أن رسول الله ﷺ قال: أمرت عبد الله بن رواحة فقال وأحسن، وأمرت كعب ابن مالك فقال وأحسن، وأمرت حسان بن ثابت فشفى واشتفى».
(٤) الأبيات مختارة، وفي رواية الديوان خلافات عما ذكر المؤلف هنا. وفي ترتيب المؤلف هنا للأبيات تقديم وتأخير.
1 / 35