Числа и построение человека: счет и путь цивилизаций

Захра Сами d. 1450 AH
102

Числа и построение человека: счет и путь цивилизаций

الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية

Жанры

مع إجراء جوردون لتجاربه، ظهر نمط واضح في إجابات أهل البيراها، بصرف النظر عن الطلبات المحددة في المهمة. وموجز القول إن أهل البيراها كانوا يواجهون صعوبة ملحوظة في التمييز بين الكميات، على أن الأمر الأهم هو أنهم لم يجدوا هذه الصعوبة إلا في الكميات الأكبر من ثلاثة؛ فحين كان يطلب من المشاركين على سبيل المثال أن يصنعوا خطا من البطاريات يطابق خطا آخر في الكمية، فإن الخط الذي كانوا يصنعونه كان يطابق الأول دائما، إذا كانت هذه الكمية 1 أو 2 أو 3. بالرغم من ذلك، فحين كان الخط الأولي يتضمن 4 بطاريات أو أكثر، بدأ ظهور الأخطاء في الإجابات، وكان عددها يزداد طرديا مع زيادة عدد البطاريات التي تعرض عليهم. وقد ظهر نمط مشابه لذلك في مهمة المطابقة المتعامدة، وكذلك مهمة العرض لفترة وجيزة، غير أن الأخطاء قد زادت في المهمة الثانية، وليس ذلك مفاجئا بالطبع نظرا لما تحمله طبيعة هذه المهام من صعوبة أكبر. وفي اختبار وضع الجوز في العلبة، واجه متحدثو هذه اللغة اللاعددية صعوبة فائقة، وقد زادت أخطاؤهم تبعا لزيادة عدد الجوز الذي وضع في العلبة في البداية. وبعبارة أخرى، فقد أشارت نتائج جوردون إلى أن أهل البيراها كانوا قادرين على مطابقة الكميات في عقولهم، وذلك بشكل متكرر ودقيق؛ شرط ألا تزيد كمية هذه العناصر التي يسجلونها في عقولهم عن ثلاثة. أما في الكميات التي تزيد على الثلاثة، فقد بدأت الأخطاء بالظهور كما هو متوقع. لقد عكست إجاباتهم نمطا من الاعتماد على التقريب أو التقدير التماثلي، لا التمييز الدقيق بين الكميات.

إن الأخطاء التي قام بها أهل البيراها لم تكن عشوائية، بل إن جوردون قد لاحظ ارتباطا واضحا بين عدد المحفزات المعروضة أمامهم وبين نطاق الأخطاء المعتادة التي يقومون بها؛ فبالنسبة إلى الكميات الكبيرة التي أجريت الاختبارات عليها، كان متوسط الانحراف عن الإجابات الصحيحة يزداد بشكل متناسب، أي كلما زاد العدد المستهدف زادت الأخطاء. وقد كانت هذه العلاقة منتظمة للغاية.

7

وقد تتساءل عن السبب الذي يجعل نمط الإجابات الخاطئة لأهل البيراها وثيق الصلة للغاية بمناقشتنا. والواقع أن لذلك سببين؛ أولهما أن العلاقة التي لاحظها جوردون تشير إلى أن أهل البيراها كانوا يحاولون بالفعل أن يطابقوا الكميات التي يشاهدونها، من خلال عقولهم؛ فهم لم يتوقفوا عن المحاولة ببساطة حين كانت الكميات تزيد عن ثلاثة، ولا هم كانوا يخمنون الإجابة عشوائيا لأنهم سئموا على سبيل المثال. والسبب الثاني هو أنه بالرغم من أن العلاقة تشير إلى أنهم كانوا يصورون كميات ما يعرض عليهم من أشياء في عقولهم، فمن الواضح أنهم كانوا يفعلون ذلك بطريقة تقريبية فحسب. وتلك هي الطريقة نفسها التي سنتنبأ بها في ضوء ما نعرفه عن الحاستين العدديتين اللتين قد زود بهما البشر فطريا.

لقد رسمت لنا هذه النتائج الأولية التي جمعناها من البيراها صورة واضحة؛ وهي أن هؤلاء الأشخاص يجدون صعوبة في مجرد التمييز بين الكميات التي تزيد عن ثلاثة، وهم يستطيعون فعل ذلك، غير أنهم يفعلونه بطريقة تعتمد على التقدير. وبالمثل، فإنهم قادرون تماما على التمييز بين الكميات الصغيرة؛ فما يبدو أن أهل البيراها يفتقرون إليه هو الوسيلة إلى توحيد هاتين القدرتين التي منحتنا إياهما شفرتنا الوراثية، بالرغم من أن هؤلاء الأشخاص طبيعيون جدا من الناحية الوراثية؛ فلقد نجحوا في بيئتهم المحلية، وتمكنوا من التكيف والبقاء على قيد الحياة بجوار نهر مايسي على مدار قرون على الأقل، وما من تفسير سهل يوضح السبب فيما يواجهونه من صعوبات واضحة في أداء المهام الأساسية التي تستند إلى تمييز الكميات، إضافة إلى حقيقة أنهم يتحدثون لغة لا عددية تماما، ولا تتضمن ثقافتهم أي ممارسات عددية.

لقد نوقشت نتائج جوردون على نطاق واسع، ونظر إليها الكثيرون على أنها مؤشر واضح، ولعله الأوضح بشأن تلك النقطة المتمثلة في أن بعض المفاهيم الرياضية الأساسية ليست متأصلة فطريا لدى البشر، بل إننا نتعلمها ونكتسبها من خلال الثقافة والانتقال اللغوي. وإذا كنا نتعلمها لا نكتسبها بالوراثة، فهي ليست مكونا من مكونات الجهاز العقلي البشري، لكنها جزء من برنامجنا العقلي، سمة في تطبيق طورناه بأنفسنا.

ولأن القابلية للتكرار هي مبدأ أساسي في أي مشروع علمي؛ فقد تحمس الكثيرون من علماء الإدراك لأن يواصلوا عمل جوردون بين أفراد البيراها. وبعد سنوات قليلة من نشر جوردون لمقالته البارزة قام فريق من علماء الإدراك، ومنهم مايكل فرانك (من جامعة ستانفورد) وتيد جيبسون (من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا) بفعل ذلك. ومثلما ذكرنا سابقا، وضح هذا الفريق أن المصطلحات التي يستخدمها أهل البيراها للتعبير عن الكميات، ليست لها دلالات دقيقة. بالرغم من ذلك، فلم يكن عملهم مقتصرا على التعزيز التجريبي للزعم بأن ثقافة البيراها هي ثقافة لا عددية بالفعل، بل تتضمن أيضا تكرار العديد من المهام التجريبية التي أجراها جوردون، ولا سيما مطابقة الخط ، والمطابقة المتعامدة، والعرض لفترة وجيزة، ووضع حبات الجوز في إناء. أعيد إجراء هذه المهام في قرية تدعى

Xaagiopai (وتنطق «آه جي أوه باي»)، وهي تبعد عن القرى التي أجرى فيها جوردون أبحاثه، مسيرة أيام (بالزورق) في النهر. وقد استخدم الباحثون نوعا مختلفا من المحفزات في تجارب المطابقة التي أجروها؛ إذ إنهم تخوفوا من أن تكون البطاريات التي استخدمها جوردون قد تدحرجت في بعض الأحيان، مما جعل من مهمة صعبة بالفعل أكثر صعوبة على أهل البيراها. وبدلا منها استخدموا أشياء أخرى منتظمة الشكل غير أصلية، لكن السكان يعرفونها؛ بكرات من الخيط، وبالونات فارغة من المطاط، وكان من الممكن وضع بكرات الخيط رأسيا على الطاولة دون أن تتدحرج. قدم إلى أربعة عشر من أفراد البيراها البالغين كميات من بكرات الخيط موضوعة على طاولة تقع أمامهم مباشرة، وطلب منهم أن يمثلوا كمية بكرات الخيط بالكمية المناظرة لها من البالونات المطاطية. وبخلاف استخدام محفزات مختلفة، فقد صممت التجربة بعناية على مثال التجارب التي أجراها جوردون. وفي تجارب المطابقة المتعامدة، والعرض لفترة وجيزة، ووضع حبات الجوز في وعاء، كان أداء أفراد البيراها مثلما لاحظه جوردون تماما؛ ومن ثم فقد استنتج الباحثون أن أهل البيراها لا يستطيعون التمييز بين الكميات الأكبر من ثلاثة بصورة دقيقة، حين يكون عليهم تغيير موضع الشيء أو حين يستذكرون عدد الأشياء بعد رؤيتها لفترة وجيزة. من الجدير بالذكر أن مثل هذه المهام تافهة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يلمون بمعرفة مفردات الأعداد والعد، كالبالغين من متحدثي اللغة الإنجليزية.

وفي حالة مهمة مطابقة الخط الأساسية، دون الحاجة إلى الاستعادة من الذاكرة أو التدوير المادي، لم تكن النتائج التي توصل إليها فريق فرانك مطابقة تماما لنتائج جوردون؛ فقد وجدوا، مع بعض الاستثناءات، أن أفراد البيراها تمكنوا من إعادة تكوين الكمية التي رأوها من بكرات الخيط بشكل دقيق، إذا كانت هذه البكرات معروضة في خط، وسمح للمشاركين برؤية هذا الخط على مدار المهمة. وقد كانت هذه النتائج بمثابة عقبة للتفسير السابق بشأن الإدراك العددي لأهل البيراها . واستخلص فريق البحث أنه بالرغم من أهمية مفردات الأعداد التي تعمل بمثابة «تقنية إدراكية» وتيسر عملية معالجة الكميات واستذكارها، فإنها ليست ضرورية في المهام التي تقتصر على تمييز الكميات فحسب. وقد اقترح الباحثون سببا بديلا ربما يفسر الصعوبة التي واجهها أفراد البيراها في أداء أبسط المهام في دراسة جوردون، التي تتمثل في مطابقة خط بخط؛ ربما كانت البطاريات تدحرجت بالفعل في بعض الأحيان، وربما عقدت هذه الدحرجة إدراك الأفراد للكميات.

في صيف عام 2009، وفي ظهيرة أحد الأيام الأمازونية الرطبة، وجدتني أقرأ هذا العمل الحديث عن البيراها، بينما كنت أقوم بإجراء الأبحاث على مجموعة أخرى من السكان الأصليين. وبالرغم من أنني كنت مقتنعا بنتائج فرانك وزملائه، فلم أكن مقتنعا بأن نتائج جوردون كانت بسبب تدحرج البطاريات؛ فقد أجريت تجارب جوردون بمساعدة من والدي (مثل الدراسة الأخيرة)، وقد كانا بمثابة مترجمين وميسرين لبحثه الميداني في بداية التسعينيات من القرن الماضي. ولأنني كنت أتبع والدي أحيانا إلى الغابات خلال السنوات الأولى من مراهقتي (لكننا كنا نعيش آنذاك في الولايات المتحدة)، فقد شاهدت جوردون وهو يجري بعض تجاربه. ومثلما رأيت أفراد البيراها يواجهون صعوبة في التمييز الأساسي للكميات في تلك الدروس التي كانت تقام بجوار ضوء المصباح، فقد رأيتهم يواجهون القدر نفسه من الصعوبة في المهام المشابهة المستخدمة في عمل جوردون، بصرف النظر عن نوع المحفزات المستخدمة. وقد يكون الأهم من ذلك أنني كنت أعرف أن قرية «آه جي أوه باي»، التي أجريت فيها دراسة المتابعة، كانت تختلف عن باقي قرى البيراها الأخرى من ناحية مهمة. في الشهور التي سبقت العمل التجريبي الذي أجري هناك، قدمت أمي كارن مادورا بعض دروس الحساب لأهل القرية. وعلى العكس من المحاولات السابقة الفاشلة في تدريس المفاهيم العددية الأساسية، فقد أحرزت بعض التقدم حين لجأت إلى ابتكار كلمات جديدة من لغة البيراها مثل

Неизвестная страница