Абу Шухада Хусейн ибн Али
أبو الشهداء الحسين بن علي
Жанры
كان هناك عسكران أحدهما صغير، ويلح عليه العطش والضيق، ولكنه كان مطمئنا إلى حقه يلقى الموت في سبيله، ويزيده العطش والضيق طمأنينة إلى هذا المصير.
والعسكر الآخر أكبر العسكرين، ولكنه كان «يخون» نفسه في ضمير كل فرد من أفراده، وتملكه الحيرة بين ندم وخوف وتبكيت ومغالطة واضطراب، يحز في الأعصاب، ويقذف بالمرء إلى الخلاص كيفما كان الخلاص.
وطال القلق على دخيلة عمر بن سعد فأطلقه سهما في الفضاء كأنه كان متشبثا بصدره فاستراح منه بانطلاقه.
فزحف إلى مقربة من معسكر الحسين، وتناول سهما فرماه عن قوسه إلى المعسكر، وهو يصيح: اشهدوا لي عند الأمير أنني أول من رمى الحسين.
ثم تتابعت السهام فبطلت حجة السلم، وذهب كل تأويل في نية القوم، وقام الحسين وهو ينظر إلى السهام وينظر إلى أصحابه، فقال: قوموا يا كرام، فهذه رسل القوم إليكم.
وبذلك بدأ القتال.
وقد تأهب الحسين لهذه المنازلة المنتظرة، وإن كان على انتظاره إياها قد تريث حتى يبدءوه بالعدوان من جانبهم، وحتى يجب عليه الدفاع وجوبا لا خلاف فيه.
فاختار له رابية يحتمي بها من ورائه، ووسع وهدتها حتى أصبحت خندقا لا يسهل عبوره، فأوقد فيه النار ليمنع عليهم الالتفاف به من خلفه، وهم في كثرتهم التي ترجح عدة صحبه ستين ضعفا قادرون على مهاجمته من جميع نواحيه.
وكان معه اثنان وثلاثون فارسا وأربعون راجلا، وهم نيف وأربعة آلاف، يكثر فيهم الفرسان وراكبو الإبل، ويحملون صنوفا مختلفة من السلاح.
ومع هذا التفاوت البعيد في عدد الفريقين، كان المعسكر القليل كفؤا للعسكر الكثير لو جرى القتال على سنة المبارزة التي كانت دعوة مجابة في ذلك العصر، إذا اختارها أحد الفريقين.
Неизвестная страница