فقال سليمان: «وأغرب من ذلك أنهم ساقوا إليه الماء من النهر بقناة على قناطر، وقد دخلته مرة فرأيتهم قد زرعوا على سطحه البطيخ والبقل وغير ذلك، فإذا مشيت هناك توهمت أنك في بستان على قمة جبل.»
ورأى أبو مسلم خياما خارج السور برايات مختلفة الألوان والأشكال، فتذكر ما سمعه من صاحب خبره عن الكرماني وشيبان، فقال لسليمان: «هذان المعسكران للكرماني وشيبان؟»
قال: «نعم، وهما يحاربان نصر بن سيار، ورجالهما كثيرون في المعسكرين.»
فقال أبو مسلم: «كأنك تخشى من قلة عددنا. سترى أننا كثيرون بإذن الله. ألا ترى أن نبث دعاتنا في هذه القرى حول مرو؟»
قال: «تفعل حسنا أيها الأمير؛ لأن أهل هذه القرى ملوا اعتداء العرب على ما يزرعون، وهم لا يفرقون بين اليمنية والمضرية، وإنما يعرفون أن العرب يظلمونهم، وأن الفرس خير منهم، فإذا بثثنا الدعاة على هذه الصورة استجابوا لدعوتنا.»
فدعا أبو مسلم الدعاة وبث منهم في القرى المجاورة يدعون إلى إبراهيم الإمام تحت ظل أبي مسلم الخراساني، فجاءهم في ليلة واحدة أهل ستين قرية،
3
وظلوا على نحو ذلك إلى ميعاد إظهار الدعوة. وكان أبو مسلم يقبلهم سرا ثم يردهم إلى قراهم إلى أن يحين وقت إظهار الدعوة، فيدعوهم إليه بنيران يوقدها إشارة لهم بالقدوم.
وفي ليلة الخميس لخمس بقين من رمضان من سنة 129ه، احتفل أبو مسلم بذلك احتفالا رسميا، فجمع كبار الدعاة في ساحة من ساحات سفيذنج. وكان أول علامات الإظهار أنه عقد اللواء الذي جاءه من عند الإمام، واسمه «الظل»، على رمح طوله أربعة عشر ذراعا، وغرسه أمام المنزل الذي يقيم فيه، وجاء برمح آخر طوله 13 ذراعا عقد عليه الراية التي سماها السحاب. فعل ذلك في مشهد موقر حضره النقباء وهو يتلو:
أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير .
Неизвестная страница