Абу Муслим Хорасани

Журджи Зайдан d. 1331 AH
193

Абу Муслим Хорасани

أبو مسلم الخراساني

Жанры

أما المنصور فحالما أفضت الخلافة إليه تذكر منجم الحميمة وقال في نفسه: «لو جاءني لقربته مكافأة لبشارته.» فما لبث - وهو ذات يوم في داره بالأنبار - أن دخل عليه حاجبه الربيع وأنبأه بأن رجلا كفيف البصر يطلب المثول بين يديه على انفراد، فأشار المنصور إلى من في حضرته من القواد فخرجوا، وأذن بدخوله، فدخل وهو مطرق يتوكأ على عكازه، وقد شد عينيه بعصابة، وبدت عليه مظاهر الضعف، فلما أقبل على الخليفة سلم تسليم الخلافة ثم قال: «أشكر الله الذي أراني صاحب القباء الأصفر على كرسي الخلافة وإن كنت أرمد.»

فانتبه المنصور للرجل، فوقف له وأخذ بيده حتى أجلسه على وسادة بين يديه وهو يقول: «مرحبا بالصديق القديم. إني ما برحت منذ جلوسي هذا المجلس وأنا أفكر فيك وأرجو حضورك؛ فاطلب ما تريد.»

قال: «لا أريد شيئا يا أمير المؤمنين سوى تأييد دولتك، وطول بقائك، وقد أخبرتك يوم التقينا في الحميمة أني سآتيك على غير انتظار ، وها أنا قد جئتك.»

فقطع المنصور كلامه قائلا: «وما الذي أصاب بصرك؟»

قال صالح: «لست أدري ماذا أصابه، ولعلي ابتليت بهذه المصيبة لأني لم أتمم المهمة التي جئتكم بها هناك كما ينبغي، فلم أستطع تبليغ الرسالة قبل نفاذ الحيلة في نجاة الإمام - رحمه الله - ولكنني لم أتعمد ذلك، كما تعلم. وعلى كل حال، فما أنا في حاجة إلى البصر لولا رغبتي في رؤية أمير المؤمنين.»

فقال المنصور: «هل أدعو لك طبيبا يصف لك دواء؟»

فقال صالح: «كلا يا مولاي، فإننا - معشر الزهاد - لا نستعين على الأمراض بالعقاقير، وإنما ندفعها بالأدعية.»

فقال المنصور: «فعسى أن يكون حضورك للإقامة عندنا هذه المرة.»

فقال صالح: «دعيت إليك لأكون في خدمتك إلى أن تستغني عني أو أموت؛ فإني لا أرجو البقاء طويلا، ومثلي لا يليق بمقابلة الخلفاء أو مخاطبتهم، ولكنني علمت بما يحيق بدولتك من الأخطار لكثرة أعدائك وحسادك؛ فأحببت أن يكون لي يد في تأييدها، على عجزي وقصر باعي.»

فقال المنصور: «بل أنت صاحب الفضل الأكبر؛ لأنك بشرتني بالخلافة وأنت لم تعرفني، فأحب أن تكون عندي الآن. فإذا شئت جعلتك رئيس العرافين.»

Неизвестная страница