108

فسأل أبو العلاء: ومن أين جاء بالمال؟

قال التلميذ: بعضه من أرباح الأغنياء والفقراء، وبعضه من الضرائب على رءوس الأموال.

فعاد أبو العلاء سائلا: وكيف رضوا بما فرض عليهم؟

قال التلميذ: رضوا كارهين أو كرهوا راضين، فإن كثرة البيع والشراء خير من كساد السلع والخوف الدائم من ثورة العاطلين والمطرودين، والمال الذي يذهب ويعود خير من المال الذي يفسده الركود. •••

فسأل أبو العلاء مرة أخرى: وهب التجار لم يخرجوا من بضائعهم إلا بمقدار، فأمنوا بذلك مغبة البوار، وقنعوا باعتدال الأسعار. فهل تزن الأرض غلاتها، وهل تحكم الحكومة نباتها؟

قال التلميذ يقرظ أستاذه العجيب: ما أعجبك يا مولاي من أستاذ وما أعجبك من تلميذ. إنك لتحسن السؤال كما تحسن الجواب. فاعلم إذن يا مولاي أن الأرض قد أخرجت ما شاءت وأن الحكومة قد أتلفت منه ما شاءت، وهو النصف من جميع الغلات.

قال أبو العلاء: وهل رضي الزارعون؟

قال التلميذ: رضوا كارهين أو كرهوا راضين، ثم حمدوا المغبة بعد حين. •••

وانطلقت السفينة في عبابها وأبو العلاء يقول وكأنه يحدث نفسه ولا يعنى تلميذه بما يقول: لئن نجح الرجل نصف نجاح لقد نجح في حقيقة الأمر كل النجاح، فما من الصواب أن نسوم إنسانا واحدا كل الصواب، وأن نمضي من حوله كلنا مخطئين.

أقصى المشرق

Неизвестная страница