وممن ارتبط مع أبي العلاء برابطة الود، وجمعته به آصرة الأدب؛ الوزير أبو القاسم الحسين بن علي العالم الأديب المشهور بالوزير المغربي، صاحب مختصر إصلاح المنطق، وأدب الخواص، والمأثور في ملح الخدور، وكتاب الإيناس، والديوان الشعر. وهو الذي كتب له أبو العلاء رسالته المسماة بالمنيح، ورسائل أخرى. ولما فرغ من تأليف مختصر إصلاح المنطق لابن السكيت أنفذ إلى أبي العلاء نسخة منه، فقرظها برسالة طويلة سماها بالإغريضية، أثنى عليه فيها ثناء جما، ووصف المختصر، وبالغ في مدحه. ووقفت في رسائل لأبي العلاء مخطوطة على كتاب أرسله له هذا الوزير، يتشوق إليه وإلى أخيه، ويشتكي من الدهر وصروفه، ويسأل الله أن يجمعه بهما، وضمنه كثيرا من شعره في هذه الأغراض. ولولا خوف الإطالة لأثبته هنا.
وكان الوزير المذكور من الدهاة العارفين، محبا للفتن، مثيرا للقلاقل، قتل الحاكم بأمر الله أباه وعمه وأخويه، فهرب إلى الرملة، ثم انتقل إلى الحجاز، وهو يفسد نيات الولاة على الحاكم حتى أقلقه. ودخل العراق فاتهمه القادر العباسي بالسعي في إفساد الدولة العباسية، فلم يزل منتقلا في البلاد حتى مات بميافارقين سنة 418 على الأصح. ونقل إلى الكوفة بوصية منه، ودفن في تربة مجاورة لمشهد الإمام كرم الله وجهه؛ وأوصى أن يكتب على قبره:
كنت في سفرة الغواية والجه
ل مقيما فحان مني قدوم
تبت من كل مأثم فعسى يم
حى بهذا الحديث ذاك القديم
بعد خمس وأربعين لقد ما
طلت إلا أن الغريم كريم
ورثاه أبو العلاء بأبيات أثبتها في لزومياته، وهي:
ليس يبقى الضرب
Неизвестная страница