147

Глубина красноречия в суре Юсуф в Коране

غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن

Издатель

دار الفاروق للنشر والتوزيع

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Место издания

عمان

Жанры

وبعد هذه المقارنة نصَّ قراره الجازم: أمَّا أنا ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ﴾ أي لن أُفَارِقَ أرضَ مِصْر ﴿حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي﴾ بالبراح والرُّجوع إليه راضيًا عنِّي ﴿أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي﴾ بخلاصِ أخي ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (٨٠)﴾؛ لأنه سبحانه لا يحكم إلَّا بالعدل والحقِّ. أمَّا أنتم، فالرأي عندي: ﴿ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَاأَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ﴾ وأُخِذَ بسرقته ﴿وَمَا شَهِدْنَا﴾ عليه بالسَّرقة وجزائها ﴿إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا﴾ علمًا أكيدًا، فقد أُخْرِجَ الصِّواعُ من متاعه ﴿وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (٨١)﴾ أي ما كنَّا نعلم أن أمرًا كهذا سيحدث، وإلَّا لما آتيناك عهدًا مؤكَّدًا باليمين، وقد قلت: ﴿إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ﴾، وقد أُحيطَ بنا، إذ لا حول لنا مع حكومة مِصْرَ الَّتي لم ندع جهدًا، ولم نترك حرصًا، ولم ندَّخِر وسعًا، ولم نوفِّر اجتهادًا معها. ومن قوله: ﴿وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا﴾ نفهم أنَّه لا يجوز للإنسان أن يشْهَدَ إلّا بما علمه علمًا يقينًا، إمَّا بمشاهدة، أو خبر مَن يوثق به، وأنَّ الشَّهادة مرتبطة بالعلم عقلًا وشرعًا، فلا تقبل إلّا ممَّن عَلِمَ. ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا﴾ وادعوه أنْ يسألَ أهْل مِصْر إنْ كَانَ في ريْبٍ من كلامنا، وقوله تعالى: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ مجاز عن أهلها لما بينهما من المجاورة، وهومجاز مرسل وعلاقته المحليَّة كما يعرف في علم البيان، من إطلاق اسم المحلِّ على الحالِّ، فقد عبَّر بالقرية عن ساكنها. ﴿وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا﴾ أي وليتثبَّت أيضًا وليتحقَّق من أصحاب القافلة الَّذين كانوا يمتارون معنا عن صدقنا، ﴿وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (٨٢)﴾ في أقوالنا. وفي قوله تعالى: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ ... (٨٢)﴾ ما يعرف

1 / 152