...
البلاغة العربية
Издатель
دار القلم،دمشق،الدار الشامية
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م
Место издания
بيروت
Жанры
كما وقع في غزوة الخندق، إذ بلغ الرسول ﷺ أنّ بني قريظة نقضوا عهدهم، فأرسل وفدًا من الأنصار فيه سيِّدا الأوس والخزرج إلى كعب بن أسد القرظي سيِّد يهود بني قريضة ليستطلعوا الخبر، وقال لهم: انطلقوا حتّى تنظروا، أحقٌّ ما بلغنا عن هؤلاء القوم أمْ لا؟ فإنْ كان حقًا فالْحَنُوا لي لَحْنًا أعرفه، ولا تفتُّوا في أعضاد القوم (أي: تكلّموا بالرمز ولا تتكلّموا بصريح القول) .
وكذلك فعلوا لمّا علموا أنَّ بني قريظة قد نقضوا عهدهم حقًا. إنَّهم لمّا عادوا إلى رسول الله ﷺ، سلَّموا عليه، ثمّ قالوا له: عَضَلٌ والْقَارَة. ففَهِم الرسول المراد، وعلم أنّ القوم قد غدروا كما غدرت عَضَلٌ والْقَارة بأصحاب الرجيع.
(٤) التوصّل عن طريق اللّوازم العقلية إلى معان قد لايكن لها ألفاظ تدلّ عليها دلالة مباشرة
(٥) تزيين الكلام ليكن أكثر تأثيرًا في نفوس المخاطبين.
(٦) وقد يكون الأسلوب غير المباشر مقرِّبًا للفكرة الغامضة، أو مقدِّمًا لها مقترنة بحُجَّتِها المُقْنعة بها.
(٧) إمكان التهرّب من إرادة المعنى عند الإِحراج، وذلك إذا كانت إرادته تسوء المخاطب به، أو تسوء غيره من أنداده أو حسّاده أو غيرهم.
ومِنْ أمثلة ذلك مَنْ يُشير بطَرْف خفيّ إلى حبِّه، أو يلمِّح إلماحًا خفيًِّا، لأنَّ أمامه رُقباء من الأنداد أو الحُسّاد، أو مَنْ لا يَرْضَى بهذه العلاقة غَيْرةً أو نَخْوة أو مخافة العار، والمتكلِّم لا يريد إثارة هؤلاء نحوه لئلاّ يَكِيدُوه.
وفي كثير من الأحوال يكون خطاب النّاس بالأساليب غير المباشرة هو الأجدى، لأنَّه أوقع في نفوسهم، وأكثر إرضاءً لغرورهم، أو أوفق لظروف أحْوالهم.
1 / 46