Салсила Иманийат

Мухаммад Хассан d. Unknown
92

Салсила Иманийат

سلسلة إيمانيات

Жанры

هجر القرآن الكريم وأنواعه مداخلة: كنت أقرأ القرآن فاستوقفتني آية تبين أن الرسول ﷺ يشكونا لله ﷾ يوم القيامة وهي قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ [الفرقان:٣٠] فما معنى هجر القرآن في الآية؟ الشيخ: هجر القرآن أنواع: هجر السماع، وهجر التلاوة، وهجر العمل بالقرآن، وهجر التداوي بالقرآن. هجر السماع: قال الله ﷿: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف:٢٠٤] . هجر التلاوة: وقد ذكرت فضل تلاوة كتاب الله ﷿. هجر العمل: وهذا أخطر أنواع الهجر، ودعني أؤكد لك ولإخواني جميعًا أن هذه الأمة قد تحولت من رعاة للإبل والغنم، إلى سادة وقادة للدول والأمم يوم أن عملت بكتاب الله ﷿، وامتثلت أمره، واجتنبت نهيه، ووقفت عند حده، وقالت للقرآن الكريم: سمعنا وأطعنا، وقالت لله سبحانه في كل أوامره ونواهيه وحدوده في القرآن: ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة:٢٨٥] . قال جل وعلا: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب:٣٦] . فهجر العمل بالقرآن هو أخطر أنواع الهجر، قال جل وعلا: ﴿طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ [طه:١-٣] . لم ينزل الله ﷿ القرآن ليتلى على الأموات في القبور، أو ليوضع في علب القطيفة الفخمة والضخمة، أو ليوضع في البراويز الذهبية والفضية ليحلي النساء بهذه البراويز صدورهن، أو ليوضع في البراويز الضخمة لنحلي بهذه البراويز الجدران والحوائط، كلا، إنما أنزل الله ﷿ القرآن ليقيم به الأمة، وليحيي به القلوب والعقول والضمائر والأخلاق. ما أنزل الله القرآن على النبي ﷺ لتشقى أمته بهذا القرآن أو بأوامره أو بنواهيه أو بتكاليفه، بل ما أنزل الله عليه القرآن إلا لتسعد به البشرية كلها، والأمة الإسلامية خاصة؛ لأنه كلام الله ﷿ الذي ارتضاه ﷾ منهاجًا ودستورًا لا للأمة المسلمة، بل للبشرية جمعاء: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [الإسراء:٩-١٠] . فهذا القرآن ما أنزله الله ﷿ إلا لنقيمه وتمثيل أوامره ونجتنب نواهيه ونقف عند حدوده، ونحن في غاية الحب لله والرضا عنه، قال جل في علاه: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء:٦٥] . فيجب على هذه الأمة أن تعلم أنه لا سعادة لها ولا كرامة إلا إذا عادت إلى هذا القرآن الكريم فهو دستورها ومنهج ربها ﷾؛ تعود إليه لتطبقه آية آية، وحكمًا حكمًا، وتكليفًا تكليفًا، وكلمة كلمة، وحرفًا حرفًا، وهي تردد في غاية الحب لله والرضا عن الله قولة الصادقين السابقين الأولين: ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة:٢٨٥] . يجب علي أن أطبق القرآن على نفسي وعلى بيتي، ويجب عليك أن تطبق القرآن على نفسك وعلى بيتك، وهذا واجب كل مسلم ومسلمة، فهذا القرآن لم ينزله الله ﷾ للاستمتاع السالب، أو للثقافة الذهنية الباردة الباهتة، وإنما لنحوله في حياتنا إلى واقع عملي ومنهج حياة يتألق في دنيا الناس سموًا وروعة وعظمة وجلالًا، وحركة وعملًا وبناءً. فيجب على كل مسلم في ميدانه أن يمتثل لقرآن ربه: الطبيب في عيادته المهندس في ورشته الزوجة في بيتها الجندي في موقعه العامل في مصنعه الفلاح في حقله. ما دمنا قد أسلمنا لله، فيجب أن نسلم عقولنا وقلوبنا لمنهج ربنا ﵎، وأن نجعل منهج السمع والطاعة لله سبحانه، ولسيدنا رسول الله. قال البشير النذير ﷺ كما في صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان ﵁: (يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به، تقدمه سورة البقرة، وسورة آل عمران، كأنهما غمامتان، أو غيايتان، أو غيابتان، أو حزقان أو فرقان من طير صواف؛ تحاجان عن صاحبهما يوم القيامة) . انظر الوعيد النبوي على صاحبه الصلاة والسلام في حديث آخر رواه مسلم من حديث أبي هريرة ﵁، يقول ﷺ: (إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، فيقال له: كذبت! بل قاتلت ليقال هو شهيد، وقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار)، لم يقاتل لله سبحانه، وإنما قاتل للشهرة وللأضواء والعدسات ولتقول الدنيا كلها: إنه جريء إنه بطل، والله ﷿ وحده هو الذي يعلم السر وأخفى. (ورجل آتاه الله القرآن وعلمه العلم، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت! بل تعلمت وعلمت ليقال هو عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، وقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل آتاه الله من أصناف المال، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت؟ قال: ما تركت سبيلًا تحب أن ينفق فيها إلا وأنفقت فيها لك، قال: كذبت! بل أنفقت ليقال هو جواد، وقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار) . فيجب علينا -أيها الإخوة والأخوات- أن نعلم أن الله ما أنزل القرآن لنضعه في علبة وقطيفة فخمة ضخمة، أو في البراويز، أو لنقرأه على الأموات، وإنما أنزل الله القرآن لنحوله في حياتنا إلى واقع عملي ومنهج حياة، ولا سعادة لنا ولا كرامة في الدنيا والآخرة إلا إذا عدنا مرة أخرى إلى القرآن، كما ما عاد إلى القرآن أصحاب نبينا ﵊، فحولوه في حياتهم إلى منهج حياة، فتحولوا بهذا القرآن الذي عمروا به الكون من رعاة للإبل والغنم، إلى سادة وقادة للدول والأمم. أسال الله أن يردنا إلى القرآن ردًا جميلًا. وأختم كلامي بقول الرسول ﷺ: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

8 / 16