69
زجاجية، تدور في كل الاتجاهات ليمضغ القات فيها هو وأصدقاؤه. وفكر في تسوية الأمر مع محصل ضرائب العقارات والزكاة كما يفعل الآخرون، وتقرب إلى بعض المتنفذين في الدولة لحماية مصالحه. كان سيستمر أكثر في عالم القات، لولا تلك الذبابة التي كانت تطوف حوله، وقفت على خده فصفعها.
خرج زربة مع أحمد بعد غروب الشمس إلى السوق، وتناول وجبة العشاء، ثم ذهبا واشتريا القات لسهرة المساء وكان لدى زربة في جيبه عشرة آلاف ريال، وبطاقته الشخصية وبعض الأوراق المهمة. عندما أراد أن يدفع قيمة القات لم يجد المحفظة. لم يهتم زربة بالمال الذي سرق بقدر اهتمامه بالأوراق. فكر أن يذهب إلى القسم؛ ليشكو ما حصل له عسى أن يجدوا السارق فالمدينة صغيرة. لكنه لم يذهب إلى قسم الشرطة، أخذه أحمد إلى شيخ السوق الذي يلقبه العامة بشيخ السرق. له سلطة أقوى من سلطة قسم الشرطة. بعد ثلاث ساعات أعاد الشيخ إلى زربة ما فقده إلا المال، قال له الشيخ إنها سارت مصروفات البحث عن السارق.
23
استعد زربة لتهريب الدفعة الثالثة من القات مع رفيقيه المدحجي والمسعودي وشاب آخر في الخامسة والثلاثين من العمر، لأول مرة يخوض هذه المغامرة، أسمر، طويل، مفتول العضلات. أوصلتهم السيارة إلى المكان الذي عبروا منه أول مرة في نجران ومشوا حسب الخطة الأولى. جلسوا في الكهف نهارا يتناولون وجبتهم ويتحدثون في أمور عديدة. تعرف زربة على رفيق رحلته الجديد عمر المحويي، أخبره أنه يعمل في مقلع للأحجار في قريته، لكنه بالكاد كان يوفر ما يقابل لقمة العيش له وأسرته. اجتازوا الحدود بسلام وهم رابطون حول جنوبهم فروع الأشجار. استقبلهم متعب اليامي كالعادة فسلموا له القات ثم تناولوا وجبة طعام. أثناء العودة ليلا وهم يصعدون آخر جبل ... في حدود الأراضي السعودية، كان سالم المدحجي مبتهجا وهو يقول لزربة: هذي آخر مرة أعمل في هذه المهنة. - خلاص جمعت حق الزواجة؟ - نعم، الحمد لله. شجلس في القرية أزرع أرض الوالد ونزرع القات ونحفر بئر. سنغتني يا زربة. سأتزوج ابنة خالي. طز ببنت جارنا التي أحببتها، زوجها أبوها إلى أحد المسئولين.
وصلوا قمة الجبل قبل شروق الشمس. وقف سالم على صخرة كبيرة وهو يعبر عن فرحه بإتمام مغامرته الأخيرة بسلام. فرد يديه للريح كجناحي طائر، يستنشق الهواء الطلق وهو ينظر إلى الأراضي اليمنية، وشعر لأول مرة بالحنين إليها. التفت إلى الخلف يقول: وداعا يا أرضنا القديمة.
فجأة سقط من على الصخرة إلى منزلق خطير أسفل الجبل، يصعب على أحد الوصول إليه. بكى زربة وكذلك رفيقاهما مما حصل لسالم، ثم تساءلوا: كيف سقط فجأة؟! لم يسمعوا إطلاق نار، ولم يشاهدوا في موقع مراقبة الحدود السعودية سوى ضوء. لم يستطع زربة ورفيقاه أن يفعلوا شيئا لسالم المدحجي. عاد زربة وقد كره المغامرة بالحياة وقال لرفاقه: ليش
70
نموت من أجل لقمة عيش؟ ليش ما نكون أفضل منهم ليش؟!
الأصيل
ناپیژندل شوی مخ