أما الأخبار الواردة فى تفضيل مكة : فإن منها ما روينا عن عبد الله بن عدى بن الحمراء رضى الله عنه : أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو على راحلته بالحزورة بمكة يقول لمكة : «والله إنك لخير أرض الله ، وأحب أرض الله إلى ، ولو لا أنى أخرجت منك ما خرجت» أخرجه الترمذى ، وحسنه.
وأخرجه بن حبان فى صحيحه .
وروينا نحوه من حديث أبى هريرة : ففى سنن النسائى ، وأنكر صحته الحافظ أبو الفضل بن حجر صاحبنا وبرهن على ذلك ، وذكرنا برهانه فى الأصل.
وحديث بن عباس رضى الله عنهما : فى الترمذى ، وقال : حسن صحيح غريب.
وحديث عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما : فى كتاب الفاكهى بإسناد فيه من لم أعرفه.
و «الحزورة» مخففة على وزن قسورة.
وأما الأحاديث الواردة فى تفضيل الصلاة فى المسجد الحرام على غيره
من المساجد فعدة أحاديث ، ومن أصحها حديثان : حديث جابر بن عبد الله الأنصارى ، وحديث عبد الله بن الزبير رضى الله عنهم .
وحديث جابر فى بن ماجه بإسناد صحيح ، وفى مسند أحمد.
وحديث بن الزبير فى مسند الطيالسي ، وفيه : «أن الصلاة فى المسجد الحرام تفضل على الصلاة فى غيره بمائة ألف» وفى بعض طرقه «تفضل بمائة صلاة» وفى بعضها «بألف صلاة».
وحديث جابر كحديث بن الزبير الذى فى الطيالسى.
وحديث بن الزبير فى صحيح بن حبان ، وصححه بن عبد البر ، وقال : إنه الحجة عند التنازع .
وقد حسب النقاش المفسر فضل الصلاة فى المسجد الحرام : على مقتضى تفضيل الصلاة فيه على غيره بمائة ألف ، فبلغت عمر خمس وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة ، وصلاة يوم وليلة وهى خمس صلوات فى المسجد الحرام عمر مائتى سنة وسبع وسبعين سنة وتسعة أشهر وعشر ليال .. انتهى.
وهذا الفضل يعم الفرض والنفل بمكة ، كما هو مذهب الشافعى ، ويختص بالفرض على مشهور المذهب.
ولا يسقط هذا التضاعف شيئا من الفوائت ، كما يتخيله كثير من الجهال ، نبه على ذلك النووى.
وللعلماء خلاف فى المسجد الحرام : هل المراد به مسجد الجماعة الذى يحرم على الجنب الإقامة فيه ، أو المراد به الحرم كله ، أو الكعبة؟
مخ ۴۸