وفي قوله: منعها علي عباسا فغلبه عليها نكارة؛ لأنه لا داعي للمغالبة عليها؛ لأن عليا عليه السلام لا يتغلب على ما ليس له بحق، والعباس لا ينازعه في الحق، كما لا يخفى إلا عند النواصب من الأموية وأشباههم، أو عند من أعمى التقليد والهوى بصائرهم.
وفي قوله في آخر الكلام: وهي صدقة رسول الله حقا؛ إذ معناه أن رسول الله تصدق بها، فيه الإقرار بأنها كانت ملكا لرسول الله ولذلك سميت صدقته، وإنما ادعوا أنه تصدق بها، وهذا يخالف إيهام أنها كانت بيت مال حيث جاء في هذه الرواية عن عمر: فكان رسول الله ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله، فعمل ذلك رسول الله حياته ثم توفي -إلى قوله-: فقبضه أبو بكر فعمل فيه بما عمل به رسول الله.
كما أنه ينقض هذا الإيهام الاحتجاج بقوله: ((لا نورث ما تركناه صدقة))؛ لأنه يدل على الملك قبل الموت كما لا يخفى.
فالرواية منكرة من وجوه عديدة كما ترى، والمتهم بها الزهري.
الأغراض التي يتهم بها الزهري في هذه الرواية
إن ما تشتمل عليه هذه الرواية من تصغير شأن علي عليه السلام، وجعله طامعا فيما يعلم أنه ليس له فيه حق، حتى يطالب فيه؟ ويلج في المطالبة حتى يجبهه عمر بالرد!؟ وجعله محاولا لنكث العهد ومناقضا في هذا الشأن! وجعله متغلبا! وجعله متعرضا لسب العباس!؟ وتقريع عمر!
كل ذلك مما يسر الأموية الذين كان الزهري يخالطهم، فهو مظنة طلب التقرب إلى ملوكهم وأمرائهم بذلك وأمثاله، ليرفعوا شأنه ويجعلوه إماما في الحديث، بجلب الناس إليه، ونصبه لهذا الشأن، وببذل الأموال له ليقضي بها حاجاته ومآربه، ويبذلها حتى يستميل بها من يريد، وحتى وصف بالسخاء.
مخ ۲۱