118

ظهر اسلام

ظهر الإسلام

ژانرونه

وكان يركب في خمسة آلاف من الجند، وألفين من غلمانه ليزور قبر والدته.

22

وكان الملوك والأمراء في مصر في منتهى الترف والنعيم؛ ففي العهد الطولوني كان الحي الذي فيه الآن جامع ابن طولون وما حوله من القلعة إلى «زين العابدين» يزخر بالمباني الضخمة، وفيها هذا المسجد الفخم والمستشفى الكبير، والقصور الشامخة، والميادين الفسيحة، وآيات الفن؛ فقد كان بجوار جامع ابن طولون ميدان فسيح، فجعله خمارويه بن أحمد بن طولون كله بستانا بديعا، زرع فيه أنواع الرياحين وأصناف الشجر، وحمل إليه من البلدان المختلفة كل صنف من الشجر المطعم وأنواع الورد.

وكان من بدعه أنه كسا أجسام النخل نحاسا مذهبا، وجعل بين النحاس والنخل مواسير من الرصاص يجري فيها الماء، فكان الماء يخرج من النحاس الملبس في النخل فينحدر إلى فساقي، ويفيض الماء من الفساقي إلى مجار تسقي سائر البستان.

وهندس البستان هندسة بديعة، فعمل من الرياحين كتابة مكتوبة في البستان يتعاهدها البستاني بالمقاريض حتى لا تزيد ورقة على ورقة، وعمل في البستان برجا من خشب الساج منقوشا ومطعما، وسرح فيه أصناف الحمام وأصناف الطيور المغردة، وجعل في البرج أوكارا لأفراخها، وعيدانا مثبتة في جوانبه لتقف عليها إذا تطايرت، حتى يجاوب بعضها بعضا بالمناغاة، وسرح في البستان الطواويس والدجاج الحبشي ونحو ذلك، وعمل فيه مجلسا سماه دار الذهب، طلى حيطانه كلها بالذهب واللازورد، وجعل في حيطانه مقدار قامة ونصف من خشب صورت فيه صورته، والمغنيات التي تغنيه في أحسن تصوير وأبهج تزويق، ولونت أجسامها بألوان تشبه ألوان الثياب من الأصباغ العجيبة، فكان هذا القصر من أعجب ما بني في الدنيا.

وعمل فيه فسقية ملئت من الزئبق، وطرح عليه فرش ملئ بالهواء وشد بزنانير من حرير في حلق من الفضة؛ فينام أحيانا عليه فيرتج ارتجاجا ناعما، وكان يرى له في الليالي المقمرة منظر عجيب إذا ائتلف نور القمر بنور الزئبق.

وجعل في ناحية من نواحي القصر دارا للسباع، لكل سبع بيت، ولكل بيت باب يفتح من أعلاه، ولكل بيت طاقة صغيرة يدخل منها الرجل الموكل به، وفرش بيوت السباع وما حولها بالرمل يجدد من حين إلى حين.

وأكثر من الخدم، ودرب كثيرا منهم على التفنن في الطهي وتنويعه، واشتهر عبيد مصر إذ ذاك بحسن الطهي كما عودهم خمارويه؛ فكان الناس يأتون من مختلف الأقطار لشرائهم لحسن سمعتهم في هذا الباب.

ولعل أكبر ما يوضح هذا الترف والنعيم زواج «قطر الندى» بنت خمارويه، وقد خطبها خليفة المسلمين في بغداد المعتضد بالله العباسي، فتفنن خمارويه وأنفق خزائن الدولة في جهازها يحمله من مصر إلى بغداد، حتى تضعضعت حالة مصر المالية بعد ذلك الإسراف.

فكان من بين هذا الجهاز دكة تتألف من أربع قطع من الذهب، عليها قبة من ذهب مشبك، في كل عين من التشبيك قرط معلق فيه حبة من جوهر لا يعرف لها قيمة، وكان في الجهاز مائة هاون من ذهب، وقد عمل حساب نفقات الجهاز، فكانت دفعة من نفقاته أربعمائة ألف دينار.

ناپیژندل شوی مخ