ذات ليلة ذهب إلى مسرح الكسار وسمع أحد الألحان، ووجد اللحن مسروقا منه، فغادر صالة المسرح واتجه إلى الكواليس، واستدعى مؤلف اللحن المسروق ورحب به المؤلف، وكان اسمه «إبراهيم فوزي»، ومد ذراعيه في الهواء ليحتضن الشيخ سيد درويش، وإذا سيد درويش ينهال عليه بأقذع الشتائم، ويهدده بالقتل إذا لم يقلع عن السطو على ألحانه.
وفي شارع عماد الدين في ليلة رأس السنة، 31 ديسمبر سنة 1922 سار سيد درويش ومعه أصدقاؤه؛ زكريا أحمد وبديع خيري ويونس القاضي، وكان في طريقه إلى معهد الموسيقى الشرقي، وسأله زكريا ماذا ستصنع هناك؟ وقال سيد درويش: لقد اتصل بي مصطفى بك رضا، ورجاني أن أنضم إلى المعهد. وقال الشيخ زكريا: مصطفى بك رجل طيب ولكن ...
وقال الشيخ سيد: ماذا تعني؟
الشيخ زكريا: أعضاء المعهد لا يعترفون بموسيقاك، ومصطفى رضا أيضا لا يعترف بها.
وصاح سيد درويش: إذن، سأذهب إليهم وأتحداهم.
الشيخ زكريا: سأجيء معك.
الشيخ سيد: دعني وحدي.
وانطلق سيد درويش بأقصى سرعته حتى وصل إلى المعهد وحده، وهناك استقبل المعهد لأول مرة شابا رأسه متوسط الحجم، وشعره مبعثر نافر غزير خشن، متمرد على كل تسريحة، جبهته عريضة، وعيناه يمتزج فيهما الحنان بالقسوة والشهوة، الأنف يبدو كما لو كان مضغوطا، والفم واسع رقيق مطبق، والأذنان مرهفتان.
وكان قوامه فارعا طويلا، عريض المنكبين، رحب الصدر، نصفه الأعلى يميل إلى البدانة، وينتهي إلى بطن منتفخ. أما النصف الثاني فكان نحيلا، وكانت ساقاه اللتان تحملان جسده أشبه بساقي طائر، فهما رفيعتان نحيلتان.
ودخل الشيخ سيد مكتب مصطفى بك رضا، فاستقبله مصطفى بك بالترحاب هو ومن معه، ودار الحديث عن الموسيقى وتطورها.
ناپیژندل شوی مخ