قال: والجهلاء والحكام طغاة، والدول الأوروبية الطامعة في غفلة الشرق، إنني شديد الإيمان بديني، أومن بعقلي، وليس للعقل نهاية، وأومن بمشاعري إيمان تصوف، ينتهي بي إلى وحدة الوجود. - هل تنادي بحرية الرأي حتى «في المناقشات الدينية»؟
قال: هذا طبيعي، وفي بلادكم شبلي شميل يدعو إلى مذهب داروين، ويعبر عن آرائه الملحدة، وإني أحمل على هذه الآراء وأستهجنها، ولكني أقدر صبره على البحث وشجاعته في الجهر بما يعتقده، ولو كان فيه تحد لعقائد الناس. - هل يسمح الإسلام باعتناق المذاهب الاجتماعية المدنية، كالاشتراكية مثلا؟
قال: الاشتراكية كانت في الإسلام ملتقية مع الدين ملتصقة به، وباعثها حب الخير، أما الاشتراكية في الغرب فقد بعث عليها جور الحكام. - هل ترى المساواة بين الرجل والمرأة؟
قال: المرأة في تكوينها العقلي تساوي الرجل، والتفاوت بينهما إنما جاء من إطلاق سراح الرجل وتقييد المرأة بالبيت، ولكل وظيفته، وليس ثمة ما يمنع من أن تعمل المرأة خارج البيت، إذا اضطرتها الظروف إلى ذلك، ولا مانع من السفور، إذا لم يتخذ مطية للفجور. - لماذا لم تتزوج؟
قال: إن الزواج يتم به بقاء النوع واستكمال حكمة العمران، ويخطئ من يظن مع أبي العلاء المعري أنه جناية، أما أنا فإن معرفتي بما تتطلبه الحكمة الزوجية من معاني العدل، وعجزي عن القيام به؛ دفعاني إلى أن أتقي عدم العدل ببقائي عزبا. - ما هو الحكم المثالي للشعب؟
قال: أن يحكم نفسه بنفسه، ولن يأتي ذلك إلا إذا تعلم وعرف حقوقه وواجباته وحرياته، ومارسها وحرص عليها، وهذا هو سر الصراع القائم بيني وبين الحكام. - أليس الخديو توفيق صديقك؟
قال: كان كذلك قبل أن يتولى منصب الخديو؛ كان وليا للعهد، وكنت ألتقي به في المحفل الماسوني، ووجدت من تعلقه بي ما دفعني إلى أن أشرح له المبادئ السليمة، وقد اقتنع بها وأبدى حرصه عليها، ولكنه لم يكد يتولى منصب الخديو حتى أخذ يتنكر لهذه المبادئ، واستدعاني إليه وقال لي: إن أكثر الشعب خامل جاهل، لا يصلح لأن يلقى عليه ما تقوله من الدروس والأقوال المهيجة.
وقد نصحته بالاعتماد على الشعب إذا أراد تثبيت حكمه، وخرجت من عنده لأستأنف الدعوة للمبادئ الإصلاحية بين الناس. - هل خدعك رياض باشا؟
فضحك في سخرية! - هل خدعك محمود سامي البارودي؟
فأطرق برأسه في حزن وقال: لقد هالني موقفه؛ فقد كان أشرف من عرفت من المسلمين. - ولماذا اختلفت مع المحفل الماسوني؟
ناپیژندل شوی مخ