مشران، هنرمندان او لیکوالان

کامل شنوی d. 1376 AH
138

مشران، هنرمندان او لیکوالان

زعماء وفنانون وأدباء

ژانرونه

وكان يوسف حلمي المحامي نموذجا للمثالية في المحاماة، فهو لا يقبل الترافع في قضية إلا إذا اقتنع بها، وكم رفض قضايا عرض عليه أصحابها أتعابا مغرية؛ لأنه بعدما درسها تبين له أنه وهو يترافع عنها، لا يدافع عن حق ولكنه يدافع عن ظلم.

زرته في مكتبه ومعي صديق عرض عليه قضية ليترافع فيها، وأخذ القضية وأراد الصديق أن يجرحه ويدفع له مقدم الأتعاب، فرفض وقال: سنتفق على الأتعاب إذا اقتنعت بالمرافعة في القضية.

وبعد يومين قال لي صديقي إن يوسف حلمي رفض الترافع في القضية، كان يوسف في تلك الأيام يعاني أزمة مالية، ولكن أزمته لم تستطع أن تهزم ما قيد به نفسه من مبادئ. •••

وقد تزوج يوسف، ولكنه لم ينجب أولادا، وكان يقدس حياته الزوجية، وكانت زوجته ترى فيه فتى أحلامها، وحبها، وأملها، وقد شاركته في جميع أزماته، وما أكثرها!

وذات يوم كان يوسف يزور بعض أصدقائه في الريف، وأصيب بنوبة قلبية، وأتى به أصدقاؤه إلى بيته في القاهرة محمولا على أيديهم، ولم تكد زوجته تراه على هذه الصورة، حتى أصابها إغماء لم تفق منه؛ فقد ماتت!

وتحمل يوسف الصدمة بلوعة، ولم يتزعزع إيمانه بالله، وظل إلى آخر لحظة من حياته يبكي شريكة الحياة التي ماتت هلعا عليه. •••

ومنذ سنتين تحول الشاب القوي إلى حطام، فقد عانى من مرض السرطان وهو لا يدري، وكان أطباؤه يشفقون من مصارحته بمرضه القاتل، ولكنه عرف الحقيقة، وحاول أن يهزم المرض، واستفحل الداء وانتقل من رئة إلى رئة، ورغب في السفر إلى الخارج، لعله يجد هناك علاجا ينقذ به حياته التي وقفها لخدمة وطنه وإنسانيته.

ووفرت له الدولة وسائل السفر والعلاج، وقال لأطبائه: هل هناك أمل في شفائي؟ وهزوا رءوسهم، فأصر على أن يعود إلى بلاده التي استمد منها الأمل ؛ ليدفن فيها أمله!

وعاد إلى مصر جثة يهمدها المرض وتحركها الكبرياء، وعندما قرأت نبأ نعيه في الصحف، لم أستطع أن أذهب لأشيع جنازته، فقد كنت مشغولا بتشييع جنازة أخرى هي جنازتي!

يا صديق عمري إلى أين؟ تمهل، فما زال في أفكارك ومشاعرك ما تحتاج إليه الحياة.

ناپیژندل شوی مخ