وقد قرأت في مجلة الآداب اللبنانية مقالا طريفا بقلم مارون عبود، نقد فيه دفتر الغزل وحلله، وداعب الشاعر برأيه فيه، فقال إنه «شاعر كبير وكاتب كبير!» واتهمه بالاعتماد على الدعاية في ترويج بضاعته، ودلل على ذلك بأنه قدم ديوانه بأبيات شوقي، التي أعلن فيها أن نخلة أمير الشعر بعده، وبأبيات أخرى لشاعر يوناني اسمه «بابادي باناتوس»، أثنى فيها على شاعرية أمين نخلة، وقد أطلق نخلة على باناتوس هذا لقب شاعر اليونان!
وقد تساءل مارون عبود: «ترى من قال لشوقي إننا نعترف بولايته حتى ينصب ولي عهد؟ فكل شيء يورث إلا العلم، ومتى كان الشعر وقف ذرية حتى نجعل له قيما؟»
إنني متفق مع الأستاذ عبود في أن العلوم والفنون لا تورث، وفي رأيي أنه لا يصح أن يكون للشعر أمير أو ملك، ولكن هذا لا ينفي حقيقتين، إحداهما أن شوقي كان شاعرا عظيما، وأن محاولاته في الشعر التمثيلي ارتفعت به إلى القمة والصدارة في تاريخ الشعر العربي، أما الحقيقة الأخرى فهي أن شعراء العرب في عهد شوقي اعترفوا بإمارته للشعر، بل إنهم بايعوه فكان في وقت واحد ملكا ورئيس جمهورية!
وقد تمت هذه المبايعة في مهرجان أقيم بالقاهرة عام 1926، واشترك فيه شعراء لبنان والعراق وسوريا وفلسطين والحجاز واليمن، وقال حافظ إبراهيم يخاطب شوقي:
أمير القوافي قد أتيت مبايعا
وهذي وفود الشرق قد بايعت معي
ولكن هذه المبايعة وما أحيطت بها من ضجة وبهرج، لم تمنع كثيرين من استنكارها مع اعترافهم بمكانة شوقي وشاعريته الفذة، وقد أعدت جريدة السياسة الأسبوعية عددا خاصا عن شوقي، امتلأت صفحاته بحملات شديدة تناولت شعر شوقي، وتصرفاته، وأخلاقه، وصدر العدد الممتاز في أيام المهرجان!
وغضب الشاعر محمد الهراوي؛ لأن لجنة المهرجان تجاهلته ولم تدعه لإلقاء قصيدة، وكان من المعجبين بشوقي، فثار عليه ونظم أبياتا قال فيها:
هو في أعينكم
ملك لعله
ناپیژندل شوی مخ