إبراهيم ﵇ بأبنائهم فيهبونهم منه، ويتصدق عليهم بأقواتهم من الطعام، والغنم. وصار إبراهيم ﵇ إلى أرض حلب فاتخذ الركايا، وكرا الأعين، ومنها: عين إبراهيم ﵇ وهي التي بنيت عليها مدينة حلب.
وكان للكنعانيين بتل القلعة في رأسه بيت للصنم، فصار إليه إبراهيم ﵇ فأخرج الصنم، وقال لمن حضره من الكنعانيين: أدعوا إلهكم هذا أن يكشف عنكم هذه الشدة. فقالوا: وهل هو إلا حجر. فقال لهم: فإن أنا كشفت عنكم هذه الشدة، ما يكون جزائي. قالوا له: نعبدك فقال لهم: بل تعبدون الذي أعبده فقالوا: فجمعهم في رأس التل، ودعا الله، فجاء الغيث. وضرب إبراهيم ﵇ برأس ظله حين أقلع الغيث. وتوافت إليه رعاؤه، فكان يأمر أصحابه بإصلاح الطعام، ويضعه بين أوعية اللبن، ويأمر بعضهم فينادي: " ألا إن إبراهيم قد حلب فهلموا "، فيأتون من كل وجه، فيطعمون، ويشربون، ويحملون ما بقي إلى بيوتهم. فكان الكنعانيون يخبرون عن مقام
إبراهيم بما كان يفعله. وصار قولهم " حلب " بطول هذا الاستعمال لقبًا لهذا التل، فلما عمرت المدينة تحته سميت باسمه.
وذكر بعضهم: أنها إنما سميت " حلب " باسم من بناها، وهو: حلب بن المهر ابن حيص بن عمليق من العمالقة. وكانوا إخوة ثلاثة: بردعه، وحمص، وحلب، أولاد المهر. فكل منهم بنى مدينة سميت باسمه.
عند اليونانيين
وكان اسم حلب باليونانية " باروا " وقيل بيرؤا. وذكر ارسطاطاليس في كتاب الكيان: أنه لما خرج الاسكندر لقصد دارا الملك، ومقاتلته، كان ارسطاطاليس في صحبته، فوصل إلى حلب وهي تعرف بلسان اليونانية " بيرؤا " فلما تحقق ارسطوطاليس حال تربتها، وصحة هوائها، استأذن الإسكندر في المقام بها، وقال له: إن بي مرضًا باطنًا، وهواء هذه البلدة موافق لشفائي. فأقام بها فزال مرضه.
بناؤها في قديم الزمان
وقيل: إن الذي بنى مدينة حلب أولًا ملك من ملوك الموصل يقال له:
1 / 8