زير سالم: ابو لېلا مهلهل
الزير سالم: أبو ليلى المهلهل
ژانرونه
منذ أساطير خلق العالم والإنسان الأول أو القديم أو الأديم، المصاغ من طين سيرتنا العمق ولازبه، في بؤرة العالم القديم أدوم، وحيث مجرى أحداث سيرتنا الملحمية هذه؛ الزير سالم.
فالسلفية هنا جزء من التصور القبلي، ذلك الذي لا يقف عند الأحياء، بل هو يمتد خلفا في أغوار الماضي التاريخي الأسطوري - خاصة تراثنا العربي السامي - شاملا الموتى قبل الأحياء، فالأرض هي أرض الأسلاف والأجداد، وهو ما لا يزال يشاع بكثرة في أغانينا المعاصرة خاصة في ربع القرن الأخير، كما أن مثل هذا التصور لا يبعد كثيرا عن التصور الطوطمي الإفريقي؛ حيث إن طوطم العشيرة البدائية كان رمزا وشعارا للعشيرة الخالدة، مشتملا على الطوطم السلف والخلف في وحدة شاملة تعبر عنها أساطير وأغاني وأمثولات القبائل البدائية.
ومن هنا فكلا الأحياء والأموات يوجدان الجماعة أو الأمة، مع ملاحظة الانتساب اللغوي إلى الأنثى الأم، بل إن أدنى الوحدات الاجتماعية للأمة أو القبيلة يطلق عليه البطن والفخذ والرحم، مثلما ذكر الزير في مأثوراته «أنه سيضرب بكل عضو من كليب أعداءه»، وكذا استشارته عقب كل غزوة مزار كليب السلف الميت.
ويمكن القول بأن حالة الانجذاب هذه نحو السلفية سماها الكثيرون - بحق - حالة الهستيريا، ومحاولة استحضار الماضي وطبعه على الحاضر، كما هو في حالة هذه القبائل في تعاملها مع رأس كليب، والتي ستتصوره دوما قائما عائدا منبعثا: «من وسط المقابر إلى وسط الحياة.» •••
أخيرا فلعلنا عن طريق استخدام افتراضات ونتائج الدراسات والمناهج المتزامنة من أثنوجرافية وأسطورية وطقسية وطوطمية وسلفية، نستطيع استجلاء غموض وانغلاقات تراثنا العربي هذا الضارب الجذور والعلاقة.
هروب جساس وقومه إلى الحبشة والسودان
وحين تجددت الحرب كسر الزير سالم أعداءه بني مرة أشد انكسار، وعقب كل غزوة تلقاه «اليمامة» مع كورس نسائها سائلة: «هل أتيت برأس خالي جساس؛ حتى نخلع السواد ويطيب الفؤاد؟»
أما جساس وقومه فوصل بهم الحصار والضيق إلى اجتماع شيوخ قبائلهم، وعقدوا العزم بالهجرة إلى «بلاد الحبشة والسودان»،
1
حيث لجئوا إلى ملك الحبشة الذي يدعى الرعيني، وحيث تشفعت الجليلة لقومها عنده، بعد أن كاد أن يقبض على أمرائهم ويفتك بهم؛ لأنهم من قوم قتلة خاله الملك التبع حسان اليماني.
ناپیژندل شوی مخ