============================================================
التي ذكرناها، وإلى ذلك دعاء المرسلين، ولكن لم يوردوها على هذا اللفظ بهذا الكمال والاختصار، مشتملة على هذه المعاني. فلما قالها صلى الله عليه، قبلها أهل الكتاب من اليهود والنصارى والمجوس، وجامعوه على الإقرار بها، وباينوه على الكلمة المقرونة بها، "محمد رسول الله" صلى الله عليه. فكانوا على الإقرار بالأولى مؤمنين، وعلى إنكارهم الثانية مشركين. قال الله عز وجل (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون [يوسف: 106].
ثم "بسم الله الرحمن الرحيم"، هي آية أنزلها الله عز وجل على محمد رسول اله صلى الله عليه وآله، وجعلها فاتحة كتابه، وفاتحة كل سورة. فصار ذلك قدوة ال الجميع الأمم، قد تراضوا بها، واتبعوا رسول الله صلى الله عليه وآله على ذلك فجعلوها فاتحة كتبهم مصدرة في صدور كل كتاب، مستحسنة عندهم، قد أقروا بفضلها حتى أن كل كتاب لم يفتتح بها هو عندهم ناقص مبتور، مسلوب البهاء(1) مهجور. ولم يكن ذلك لسائر الأمم، ولا عرفوها إلا ما ذكره الله عز وجل في كتابه أن سليمان عليه السلام، كتب بها إلى بلقيس، ولم يدونوها التدوين، ولا زينوا بها كتبهم هذا التزيين، ولا عرفوا لها الفضل المبين، حتى جاء الله بالإسلام و أحكمها على لسان رسوله صلى الله عليه وآله. فتقبلتها الأمم أحسن قبول، وصار فصلها(2) في كتبهم أفضل فصول. هذا إلى كلمات غيرها مثل قوله الحمد لله رب العالمين [الفاتحة: 2]. وقد كان فيما قد تقدم من الكتب المنزلة تحميد وتمجيد، ولكن لم يكن على هذا الاختصار بهذا اللفظ، ولم يدون هذا التدوين.
و قوله (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)، وقوله (حسبنا الله ونعم الوكيل) وقوله (توكلت على الله)، وقوله (السلام عليكم) ، لم تكن هذه التحية للأمم الماضية، وهي تحية أهل الجنة. قال الله (تحيتهم فيها سلام) [يونس: 10].
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: أعطيت أمتي ثلاث خصال لم يعطها أحد قبلهم؛ صفوف الصلاة، وتحية أهل الجنة، وآمين، إلا ما كان من موسى وهارون. فقد روي أن موسى كان يدعو وهارون يؤمن. وقوله (إنا لله وإنا (1) في ه: مسلوب إليها.
(2) في م وأخواتها: فضلها.
مخ ۱۵۸