وكتمت كاثي في صدرها ما كانت تريد أن تقوله وهو كثير، وأفرغت ضيقها وغضبها في إعداد حقائبها للرحيل، قررت أن تصحب الأطفال إلى موتيل، أو إلى مأوى ما، أي شيء في أي مكان. ربما إلى أريزونا. لم يحالفها التوفيق في باتون روج. وكان جهلها بمكان زيتون يزيد الأمر سوءا. لماذا أصر هذا الرجل على البقاء؟ كان ذلك قاسيا، فعلا. كان يريد الاطمئنان على سلامة أسرته، ولكنه حرم كاثي زوجته من هذه اللفتة الكريمة! وقررت أنها حين تحادثه مرة أخرى فسوف تصر على إخراجه من المدينة. لم يعد يعنيها سبب رغبته في البقاء. فلينس المنزل والعقارات، لا يمكن أن يكون في الدنيا ما يستحق.
وفي نيو أورلينز، كان زيتون يشعر بنشاط جم، لم يحدث قط أن شعر من قبل بمثل هذه العجلة ومثل هذا الوضوح للهدف، ففي أول يوم يقضيه في مدينته التي يغمرها الطوفان، ساعد فعلا على إنقاذ خمسة من السكان المسنين. كان واثقا الآن بأن بقاءه في المدينة كان له ما يبرره، ويشعر بقوة لا يدري كنهها ترغمه على البقاء، وبأن وجوده كان مطلوبا.
وكانت المحطة التالية لزيتون وفرانك عند العقار الذي يملكه زيتون، رقم 5010 شارع كليبورن، وكان زيتون قد اشتراه مع كاثي منذ خمس سنوات، وهو مبنى سكني من طابقين، وكان الناس يسكنونه بالإيجار، ويقيم فيه من أربعة إلى ستة أشخاص في أي وقت من أوقات السنة.
وعندما وصلا وجدا «تود جامبينو»، وهو أحد المستأجرين لدى زيتون، في المدخل الأمامي، ممسكا في يده بزجاجة جعة. كان تود رجلا قوي البنية في أواخر الثلاثينيات، وقد أقام في المبنى طوال الفترة التي امتلكته فيها أسرة زيتون، كان يعمل ميكانيكيا في ورشة «سبيديل» لتغيير زيت السيارة وضبط محركها معظم أيام الأسبوع، إلى جانب العمل بعض الوقت بتسليم الحقائب المفقودة لأصحابها في المطار. كان مستأجرا صالحا فلم يتأخر في إرسال الإيجار قط أو يسبب أي مشاكل لأسرة زيتون يوما ما.
ونهض ناظرا نظرة من يكذب عينيه عندما شاهد زيتون مقبلا .
قال: «ماذا تفعل هنا؟»
وقال زيتون مبتسما: «حقا؟ جئت للاطمئنان على المبنى.» كان يعرف كم كانت العبارة مضحكة، وأضاف: «أردت الاطمئنان عليكم.»
لم يستطع تود تصديق ما يسمع.
وخرج زيتون وفرانك من القارب وربطاه في مدخل المنزل، كان كلاهما سعيدا بالوقوف على الأرض الصلبة من جديد.
وعرض تود عليهما الجعة فرفض زيتون وقبل فرانك ثم جلس الأخير على درج المدخل، بينما انطلق زيتون إلى داخل المنزل.
ناپیژندل شوی مخ