واتصلت كاثي بزيتون من الطريق.
قالت: «صندوق مجوهراتي!»
وأخذه زيتون، كما أخذ طقم الصيني الفاخر، ونقل ذلك كله إلى الطابق العلوي، وأفرغ الثلاجة ولكنه ترك الفريزر ممتلئا، ووضع الكراسي فوق المنضدة في حجرة المائدة، ولما عجز عن حمل صوان ملابس ثقيل، وضعه على حشية ونقلها جرا إلى الطابق العلوي، ووضع أريكة فوق أخرى، مضحيا بإحداهما لإنقاذ الأخرى، ثم حمل المزيد من الكتب، عدد هائل من الكتب، أنقذها كلها؛ لم يكن ليفرط في أي كتاب.
واتصلت كاثي من جديد وقالت: «نصحتك بعدم إلغاء التأمين على الأملاك.»
كانت على صواب، فمنذ ثلاثة أسابيع وحسب، اختار عدم تجديد ذلك الجانب من بوليصة التأمين ضد الفيضان الذي يغطي أثاث المنزل وكل شيء فيه. لم يكن يريد إنفاق النقود، وأقر بأنها كانت على حق، وكان واثقا بأنها سوف تظل تذكره بذلك لسنوات في المستقبل.
وقال لها: «هل يمكن أن نتحدث في ذلك فيما بعد؟»
وخرج زيتون من المنزل، وكانت تشيع في الجو الرطوبة، وهبات الريح القوية. كان قد ربط القارب في المدخل الخلفي للمنزل، وكانت همسات الماء تتصاعد من خلال الفتحات في السور الخلفي، ومستواها في ارتفاع، وكانت المياه تتدفق داخل فنائه بمعدل مدهش، ووصلت إليه وهو واقف فابتلعت كعبيه وارتفعت لساقيه.
وعاد إلى المنزل وواصل نقل كل ما له قيمة إلى الطابق العلوي. وفي أثناء ذلك شاهد الماء وهو يغطي الأرضيات ويصعد إلى الجدران، ولم تمض ساعة أخرى حتى أصبح ارتفاع الماء داخل المنزل ثلاث أقدام. وكان منزله يرتفع على مستوى الشارع بثلاث أقدام.
ولكن المياه كانت نظيفة، كانت شفافة، ذات لون يضرب إلى الخضرة، وشاهدها وهي تملأ حجرة الطعام بمنزله، وأذهله جمال المشهد لحظة قصيرة، إذ أعادت إلى خياله ذكرى غير واضحة المعالم لعاصفة في جزيرة أروض، وكان غلاما صغيرا؛ إذ ارتفع موج البحر المتوسط وابتلع المنازل المقامة على أراض منخفضة، وغمرت مياه البحر الخضراء الزرقاء حجرات الجلوس والنوم والمطبخ، ولم تجد المياه أدنى صعوبة في أن تكسر أو تتفادى الأحجار الفينيقية المحيطة بالجزيرة.
في تلك اللحظة خطر لزيتون خاطر. كان يعرف أن أسماك الزينة التي يحتفظ بها في حوض خاص لن تكتب لها النجاة من دون تجديد للماء ودون غذاء؛ فدس يده في الحوض وأطلقها. ألقى بها في الماء الذي يغمر المنزل، وكانت تلك أفضل فرصة أتيحت لها فسبحت في الماء وابتعدت.
ناپیژندل شوی مخ