176

كانا قد قضيا ثلاثة أيام في الفندق حين هبطت ماتين إلى الطابق السفلي لكي تحضر بعض الطعام من سيارتهما. كان العمدة ناجين قد طلب إلى كل من في المدينة أن يجهز طعاما يكفي ثلاثة أيام، وكانت قد خزنت في السيارة قدرا كافيا، حسبما قال العمدة. وكانت السيارة واقفة في ساحة الانتظار المجاورة للفندق، وكانت ماتين قد وضعت في السيارة ثلاجة صغيرة زاخرة بالأطعمة التي يحبها زوجها. أخذت من الثلاجة بعض السجق وكانت عائدة إلى الفندق حين سمعت صراخا وأصوات أقدام، كانوا رجال الشرطة الذين اتهموها بنهب ما في يدها من متجر قريب.

كان محل بيع الأطعمة الشهية القريب، واسمه «ادخل واخرج»، قد تعرض منذ قليل للسلب والنهب، وكان رجال الشرطة يبحثون عن أي شخص يكون قد شارك في ذلك، فوجدوا ماتين ، وضعوا يديها في القيود الحديدية واتهموها بالسطو على مواد غذائية قيمتها 63,50 دولارا، وحدد أحد القضاة تليفونيا مبلغ كفالتها بمقدار 50000 دولار، وأما الكفالة المعتادة في أمثال هذه الجنح فكانت 500 دولار.

وجيء بها إلى معسكر جراي هاوند حيث نامت على الأسفلت. ثم نقلت إلى معهد لويزيانا الإصلاحي للنساء، وهو السجن الشقيق لسجن هنت، حيث ظلت فيه أكثر من أسبوعين، ثم أطلق سراحها أخيرا بمعاونة من الجمعية الأمريكية للمتقاعدين، والمحامين الذين تطوعوا للدفاع عنها، ومحام ترافع عنها بصفة شخصية، ومقال عن محنتها نشرته وكالة أسوشي تد برس.

وتمكن المحامون أخيرا من إقناع أحد القضاة بأن امرأة في السبعينيات من عمرها وتنزل في أحد الفنادق لن تحتاج إلى نهب السجق من أحد الدكاكين، وأثبتوا أن الدكان المذكور لم يكن يبيع نوع السجق الذي كانت تحمله. ولم تكن ماتين قد دخلت ذلك الدكان قط، أضف إلى ذلك أن مجرد دخول الدكان المحطم، الذي تتناثر فيه الأنقاض والزجاج المكسور، كان يقتضي من خفة الحركة ما لا يتوافر عند العجوز.

وفي أواخر عصر ذلك اليوم سمع زيتون مجموعة من الحراس تدخل العنبر، لم يكن يستطيع أن يراهم ولكن الأصوات كانت توحي بأربعة رجال أو خمسة على الأقل، وسمع ضجة انفتاح زنزانة في العنبر، وتعالت صيحات الحراس وشتائمهم، وأصوات تنم عن مشاجرة من نوع ما. ثم ساد الصمت بضع دقائق، وأغلقت الزنزانة من جديد، وتكرر وقوع ذلك نحو ست مرات.

ثم جاء دوره. رأى وجوههم أولا، خمسة رجال على الناحية الأخرى من القضبان الزرقاء، كان قد شاهد أحد الحراس من قبل، ولكن الأربعة الآخرين كانوا غرباء. كانوا جميعا يلبسون أردية مكافحة الشغب السوداء، كانوا يحملون دروعا، ويرتدون بطانات، ويمسكون عصيا قصيرة، ويلبسون خوذات، وكانوا ينتظرون في وضع الاستعداد لفتح الباب.

واعتزم زيتون ألا يبدي مقاومة، وألا يظهر بأي مظهر يوحي بالمعارضة، وعندما فتح الباب كان يقف في منتصف الزنزانة، رافعا يديه في الهواء، وعيناه تنظران في مستوى النظر العادي.

ولكن الرجال اقتحموا الزنزانة على الرغم من ذلك كأنه كان بصدد ارتكاب جريمة قتل، وبدأ ثلاثة منهم يسبونه ويستخدمون دروعهم في دفعه إلى الجدار، وأثناء ضغط وجهه في القرميد الخفيف الذي بني منه الجدار، وضعوا يديه في القيود الحديدية والأصفاد في قدميه.

وأخرجوه إلى البهو، وأمسك به ثلاثة حراس، بينما انقض الآخران يفتشان الزنزانة، بعثرا ما كان على السرير، وقلبا الفراش، ومشطا الغرفة الصغيرة.

وفك حارسان قيود زيتون وأصفاده.

ناپیژندل شوی مخ