زمان په فلسفه او علم کې
الزمان في الفلسفة والعلم
ژانرونه
وإن كان قد وجد في الفلسفة بصورة ضمنية مع الأيليين فإنه نغمة نشاز ولا حيثية لها. والواقع أن الأيليين لم ينكروا ربط الحركة بالزمان، بل أنكروا الحركة أصلا والزمان معها وكل شيء؛ ليبقى الوجود كتلة مصمتة ساكنة. والزمان من حيث هو زمان يرتبط في كل وضع وفي كل مذهب بالحركة، ولكن مع فارق، هو أن التيار اللاعقلاني يربطه بالحركة الداخلية للنفس، إما النفس الكلية وإما النفس الفردية الجزئية، أما التيار العقلاني فيربط الزمان بالحركة، بحركة العالم الطبيعي الخارجية، خصوصا الأفلاك.
أما عن أبرز نقاط الاختلاف، فهي ارتباط الزمان العقلاني بالمكان، وانفصال الزمان العقلاني تماما عن المكان. إن الزمان والمكان في التصورات العقلية متعضونان معا كقالب للوجود والمعرفة، ولا انفصال للزمان عن المكان ولا إمكانية لقياسه بمعزل عنه، وهذا الارتباط بلغ حدا يتمثل في أن أقصى صورة لتطور الزمان العقلاني؛ أي النظرية النسبية لآينشتاين، قد تلاشى فيها تماما أي تمايز بين الزمان والمكان، وأصبحا متصلا واحدا كما سنرى. أما الزمان اللاعقلاني - الأبدية أو الديمومة أو أية صورة من صوره - فينفصل عن المكان انفصالا تاما، بل ولا علاقة له البتة بالمكان «المكان آخر بالنسبة له، وهو آخر بالنسبة للمكان.»
16
إن الزمان اللاعقلاني مطلق لا متناه - كيفيا طبعا - وبالتالي لا يمكن أن يدخل في علاقة تجعله مرتهنا بطرف سواه، فما بالنا بطرف متموضع متشيئ كالمكان. ولعل هذا الفصل الحاد للزمان عن المكان - والذي أمعن بيرجسون في تأكيده - هو ما يجعله على وجه الدقة معقل اللاعقلانية المستغلقة في وجه العقل التصوري، وهو أيضا الذي يجعل الزمان اللاعقلاني يكتسب الخاصة المميزة له؛ أي الذاتية، فهو محض خبرة تمر بها النفس.
على أن الزمان العقلاني، أو الموضوعي الكوزمولوجي الفلكي العلمي هو الزمان الحقيقي. و«حقيقي» هنا ليست إسقاطا تقييميا يرفع من شأن التناول العقلاني للإشكالية، أو يحط من شأن التناول اللاعقلاني لها، بل هو مصطلح مراد حرفيا؛ فالعقلانيون العلميون يسلمون مبدئيا - وبداهة - بأن الزمان الذي يتعاملون معه زمان حقيقي
real ، وكل المشككين في هذا القائلين بلا حقيقية الزمان، إنما هم من قلب التيار اللاعقلاني. ولعل الذي دفعهم إلى هذا، إن لم نقل وإلى اللاعقلانية أصلا، هو أن الزمان العقلاني الكوزمولوجي، وخصوصا حين أطلقه العلم الحتمي الحديث، يقف أمام الإنسان موضوعا صلبا ينذره بالتناهي والعدم والزوال المستمر والموت، فيدفعه إلى التعالي عليه في محاولة لقهره، إما بإنكار حقيقيته، وإما بالفرار إلى الأبدية، وإما بالاثنين معا، فهكذا يقهرون موضوعيته القاسية ويؤكدون العالم الذاتي. وقد كان بيرجسون أشد الفلاسفة المعاصرين عناية بالزمان الذاتي - أو الديمومة كما أسماه - وأيضا بالحط من شأن الزمان الموضوعي الفلكي. فيقول العالم الفلكي وفيلسوف العالم آرثر إدنجتون يقول ساخرا: ولكن البروفسور بيرجسون بعدما يبين أن فكرة الفلكي عن الزمان هي لغو تام، ربما ينهي المناقشة بأن ينظر للساعة في معصمه، ويسرع ليلحق بالقطار، والذي ينطلق تبعا لزمان الفلكي!»
17
ومهما يكن الأمر، فإنه لا يمكن اعتبار أي من صورتي الزمان أهم من الأخرى. كلا التصورين العقلاني واللاعقلاني له أهميته ودوره، والدوافع المختلفة لكلا الاتجاهين لها دورها، وهذا يذكرنا بتقسيم برتراند رسل للفلاسفة إلى فريق ذي دوافع أخلاقية ودينية، وفريق ذي دوافع علمية وعقلية، وفريق وسط؛ معقبا على هذا بأن مذاهب الفريق الأولى وإن امتازت بسعة الخيال كانت عقبة في سبيل التقدم العلمي،
18
لكننا نراها كلها تتكامل معا لتشكيل إنسانية الإنسان ذي العقل والعاطفة، العلم والدين، الفيزيقا والميتافيزيقا، الزمان والأبدية. وعرفانا لأفلاطون العظيم سنتناول أولا الأبدية أو الزمان اللاعقلاني منذ أفلوطين حتى الفلسفة المعاصرة، ثم ننتقل إلى الزمان العقلاني مع المعلم الأول أرسطو؛ لينتهي الحديث تلقائيا بصورته العلمية الفيزيائية المطلقة مع نيوتن، ثم النسبية مع آينشتاين. والولاء لفلسفة العلم يجعلنا نرى في هذا مسك الختام.
ناپیژندل شوی مخ