يسعني يا أرحم الراحمين. قال: فما استتمت كلامها إلا وقائل يقول: قد عفونا وغفرنا لك.
قال الجنيد ﵀: كان بجواري رجل شرطي، فلما مات حمل إلى مسجدي لأصلى عليه، فامتنعت من الصلاة عليه لما أعرفه من ظلمه، فقلت: أصرفوه عني، فصرفوه وصلوا عليه ودفنوه، فرأيته في تلك الليلة في منامي وهو في قبة خضراء، فقلت له: أنت فلان الشرير، قال: نعم، قلت: بم نلت هذه المنزلة؟ قال: بإعراضك عني، فأقبل على الجليل ﷻ وقال: أقبل على المطرودين.
وقال مالك بن دينار ﵁: كان لي جار مسرف على نفسه كثير الخطايا، قد تأذى الجيران منه، فأخبرته بذلك، وقلت له: أخرج من البلد، فقال لي: أنا في منزلي لا أخرج، فقلت له: بع منزلك، فقال: لا أبيع منزل ملكي، فقلت له: أشكوك إلى السلطان، فقال: أنا من أعوانه، فقلت له: أنا أدعو عليك، فقال: إن الله أرحم بي منك.
فهممت أن أدعو عليه، فهتف بي هاتف: لا تدع عليه فإنه ولي من أوليائي، فجئت إلى باب داره، فنظر إلي وظن أني أخرجه، فقام لي كالمعتذر، فقلت: ما جئت إلى هذا، ولكني سمعت كذا وكذا، فوقع عليه البكاء وقال: إني تبت عما كان مني.
وقيل لذي النون المصري ﵁: ما كان بدء أمرك؟ فقال: كنت شابًا في لهو ولعب وتعب، فخرجت حاجًا إلى بيت الله الحرام، بينما أنا راكب في المركب وقد توسطنا البحر، ففقد من بيننا كيس ففتش كل من في المركب، وكان بيننا شاب لا نبات بعارضيه، فلما وصلوا إلى الشاب ليفتشوه، فوثب من المركب وثبة حتى جلس على أمواج البحر، وقال: يا مولاي، إن هؤلاء
1 / 44