بسم الله الرحمن الرحيم
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
الحمدُ للهِ القديمِ الدائمِ، الذي ليس لِقدَمِهِ ابتداء، ولا لديمومته (١) / ٩٣ / انتهاء. الذي حجَّتِ الألباب بدائعُ حِكَمِهِ (٢)، وخصمت العقولَ لطائفُ حُجَجِهِ، وقطعت عُذرَ (٣) الملحدينَ عجائبُ صنعه، وكلّت الألسن عن تفسير صفته، وانحسرت العقول عن كُنْهِ معرفته.
لا تحويه الأماكنُ، ولا تحدّه لكبريائه الفكر. مُحرم على نوازعِ ثاقباتِ الفِطَن تحديدُهُ، وعلى عوامقِ الفِطَرِ (٤) تكييفُهُ، وعلى غوائصِ سابحاتِ النظر تصويرُهُ. مُمتنعٌ على الأوهام أنْ تكتنهَهُ، وعلى الأفهامِ أنْ تستغرقَهُ. قد يئست من استنباط الإحاطة به (٥) طوامحُ العقولِ، وتراجعت بالصُغر (٦) عن السمو إلى قدرته لطائف الخصوم.
واحد لا من عَدَدٍ، ودائم لا بأمَدٍ، وقائم لا بعَمَدٍ.
صادقٌ لا يكذبُ، وعالمٌ لا يجهلُ، وعَدْلٌ لا يجورُ، وحيٌّ لا يموتُ.
ذو بهجةٍ لا تُفْقَدٌ، ونورٍ لا يخمدُ، ومواهبَ لا تنكدُ، وعطايا لا تنفدُ، وعز لا يذلُّ، وأيدٍ لا يَكِلُّ، ودؤوبٍ لا يملُّ، وحفظٍ لا يضلّ، وصنعٍ لا يكل.
الجبارُ الذي خشعت لجبروته الجبابرةُ، والعزيزُ الذي ذَلَّتْ لعزتِهِ الملوكُ الأعِزَّةُ، والعظيمُ الذي خَضَعَتْ له الصعابُ في محل تخومِ قرارِها، وأذعنتْ له رواصِنُ الأسبابِ في منتهى شواهق أقطارها.
_________
(١) ر: ديمومته.
(٢) ك: حكمته.
(٣) ر، ك: عدد.
(٤) في مختصر الزاهر: الفكر.
(٥) (به) ساقطة من ك.
(٦) ر: بالصفر، بالفاء.
1 / 1
\ ٢ / ب ١٩٤ مستشهدًا بكل / الأجناس على ربوبيته، وبعجزها على (٧) قدرته، وبحدوثها على فطرته.
ليس له حدٌّ منسوبٌ، ولا مَثَلٌ مضروبٌ، ولا شي عنه تعالى جده محجوب. فأَلْسُنُ أدلته الواضحة هاتفة في أسماع عباده الواعية، شاهدةٌ أنّه اللهُ الذي لا إلَه إلاّ هو، الذي لا عِدْلَ له معادِلٌ (٨)، ولا مِثْلَ له مماثِلٌ، ولا شريكَ له مظاهرٌ، ولا ولدَ له ولا والد. الذي خلق الخلائق بعلمه، فاختار منهم صفوته، فجعلهم أُمناء على وَحْيِهِ، وخَزَنَةً على أَمرِهِ، وسفراءَ بينَهُ وبينَ خلقِهِ. وجعلهم دعاةً إلى ما اتضحت لديهم صحتُهُ، وثبتت في القلوب حجتُهُ. وأمدهم بعونه، وأبانَهُم من (٩) سائرِ خلقِهِ، بما دلّ به على صِدْقِهِم من الأدلة، وأيديهم من الحجج البالغة، والآي المعجزة. واستودعهم في أفضل مستودع، وأقرهم في خير مستقر، تناسَخُهُم مكارمُ الأصلاب إلى (١٠) مطهراتِ الأرحامِ، حتى انتهت نبوةُ اللهِ وأَفْضَتْ كرامتُهُ إلى نبينا محمد وعلى آلِهِ الطاهرين. فبعثَهُ بالبرهانِ الواضحِ، والبيانِ اللائحِ، والكتابِ الناطقِ، والشهابِ المتألق، على حين فَتْرةٍ من الرسلِ، وطموسٍ من السبلِ، ودروسٍ من آثارٍ الأنبياء. والناسُ في عمىً لا يعرفونَ معروفًا فيأتوه (١١)، ولا مُنكرًا فيجتنبوه. ففضَّله من الدرجات بالعلى، ومن المراتب بالعظمى، وحباه من أقسام كرامته بالقسمِ الأكرمِ، وخَصَّه من درجات النبوةِ بالحظِ الأجزلِ، ومن الأتباعِ والأصحابِ بالنصيبِ الأوفرِ. فاستنقذ به الأشلاءَ المتفرقَة، وجَمَعَ بهِ الأهواءَ
_________
(٧) من سائر النسخ وفي الأصل: عن.
(٨) تأخرت هذه الجملة في ك، ق، ف بعد كلمة مماثل.
(٩) من سائر النسخ وفي الأصل: عن.
(١٠) ك: في.
(١١) من ك، ر. وفي الأصل: فيأتموه.
1 / 2
المختلَفة، ودَمَغَ به سلطانَ الجهالة، وأَخْمد به نيرانَ (١٢) الضلالةِ، حتى آضَ الباطلُ / مقموعًا، والجهلُ والعمَى مردوعًا (١٣) . بشيرًا ونذيرًا وسراجًا منيرًا، يُبشِّر ٣١ / ١٩٥ مَن أطاعه بالجنةِ وحسن ثوابها، ويخوِّفُ مَن عصاهُ بالنارِ وما حذَّر من عقابها، ﴿لِيُنذِرَ مَن كان حيًا ويَحِقَّ القولُ على الكافرين﴾ (١٤) .
فَصَدعَ بما أُمِر، وبلَّغَ ما حُمِّل، حتى أُذْعِنَ لله بالربوبيةِ، وأُقرَّ له بالوحدانيةِ، فعاشَ كريمًا محمودًا، ومات موجعًا مفقودًا. وشرَّف وكرَّم وعظَّم.
قال أبو بكر: إنّ (١٥) من أشرفِ العلمِ منزلةً، وأرفعه درجةً، وأعلاه رتبةً، معرفة معاني الكلام الذي يستعمله الناس في صلواتهم ودعائهم وتسبيحهم [وتقربهم إلى ربهم] وهم غيرُ عالمين بمعنى ما يتكلمون به من ذلك.
قال أبو بكر: وأنا مُوضِحٌ (١٧) في كتابي هذا، إنْ شاء الله، معاني (١٨) ذلك كله، ليكون المصلي إذا نظر فيه، عالمًا بمعنى الكلام الذي يتقرَّبُ به إلى خالقِهِ، ويكون الداعي فَهمًا بالشيء يسأله ربَّه (١٩)، ويكون المسبِّحُ عارفًا بما يعظّم به سيِّدَه؛ ومُتْبعٌ ذلك تبيينَ ما تستعمله العوامُ في أمثالها ومحاوراتِها من كلامِ العرب، وهي غيرُ عالمةٍ بتأويلهِ، < و> باختلاف العلماء في تفسيره وشواهده من الشعر (٢٠) .
ولن أُخليه مما أستحسنُ إدخالَهُ فيه من النحو (٢١) والغريبِ واللغةِ والمصادر والتثنية والجمعِ. ليكون مشاكلًا لاسمه إن شاء الله. أسألُ اللهَ المعونَةَ على ذلكَ والتوفيقَ للصوابِ (٢٢) .
_________
(١٢) ك، ر: نار.
(١٣) ك: مرفوعًا (١٤) يس ٧٠.
(١٥) ف: واعلم أن ... و(قال أبو بكر) ساقط منها.
(١٦) ك، ر: معرفة ما يستعمله.
(١٧) ل: موضع.
(١٨) ك: تعالى.
(١٩) ك: بالذي يسأله عن ربه (٢٠) (من الشعر) ساقط من ك.
(٢١) ل: من النحو والشعر
(٢٢) (والتوفيق للصواب) ساقط من ك.
1 / 3
١٩٦١ - فأوّلُ ما أبدأُ بهِ من ذلكَ قولُ الناسِ في ثنائِهِم على ربِّهِم:
١ - حَسْبُنا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ
(٢٣)
وقال أبو بكر: فمعنى قولهم: حسبنا الله (٢٤): كافِينا الله. من ذلك قوله تبارك ٣١ \ ب \ - وتعالى: / ﴿يا أيُّها النبيُّ حَسْبُكَ اللهُ ومَنِ اتبعكَ من المؤمنين﴾ (٢٥) . ومن ذلك قول الشاعر (٢٦):
(إذا كانتِ الهيجاءُ وانشقتِ العصا ... فَحَسْبُكَ والضحاكَ سيفُ مُهندُ) (٢٧)
معناه: يكفيك ويكفي الضحاك. ومعنى الآية: يا أيها النبي كافيك الله ومَن اتبعك من المؤمنين. ومن ذلك قول امرىء القيس (٢٨):
(فتملأ بيتنا أَقِطًا وسَمْنًا ... وحسبُكَ من غِنىً شِبَعٌ وريُّ)
أي: يكفيك الشبع والري. ومنه قوله ﷿: ﴿جزاءً من ربِكَ عطاءً حسابًا﴾ (٢٩) معناه (٣٠): عطاء كافيًا. يقال: أَحسَبَني الطعامُ يُحسبنُي إحسابًا إذا كفاني: قال الشاعر (٣١):
(وإذْ لا ترى في الناسِ حسنًا يفوقها ... وفيهن حسنٌ لو تأمَّلْتَ مُحْسِبُ)
_________
(٢٣) آل عمران ١٧٣. (ونعم الوكيل) ساقط من ك.
(٢٤) ك: بمعنى قولهم: حسيبنا الله يعنى ... وينظر في هذا وفي قولهم: " حسيبك الله " الآتي بعده، ما حكاه القالي في أماليه: ٢ / ٢٦٢ - ٢٦٣، عن أبي بكر.
(٢٥) الأنفال ٦٤.
(٢٦) ك: وقال الشاعر.
(٢٧) أنشده المؤلف في إيضاح الوقف والابتداء: ٦٨٧، غير معزو. وكذلك أنشده الفراء في معاني القرآن: ٤٧١، ونسبه القالي في ذيل الأمالي ١٤٠ إلى جرير، وهو في ديوانه ١١٠٤ نقلا عنه.
(٢٨) ديوانه ١٣٧. والأقط شيء يصنع من اللبن المخيض على هيئة الجبن. وامرؤ القيس بن حجر، شاعر جاهلي. (طبقات ابن سلام ٨١، الشعر والشعراء ١٠٥، شرح شواهد المغني ٢١) .
(٢٩) النبأ ٣٦.
(٣٠) ساقطة من ك.
(٣١) كثير، ديوانه ١٥٧ وفيه: مجنب، وعلى هذا فلا شاهد فيه.
1 / 4
معناه: وفيهن (٣٢) حسن كاف. وقال الآخر (٣٣):
(ونُقفي وليدَ الحيِّ إنْ كانَ جائعًا ... ونُحسبُهُ إنْ كانَ ليسَ بجائع) - ١٩٧١
ومعناه: ونعطيه ما يكفيه. وقالت الخنساء (٣٤):
(يكبُّونَ العِشارَ لمن أتاهم ... إذا لم تُحْسِبِ المائةُ الوليدا)
معناه: إذا لم تكف المائة.
٢ - ومن ذلك قول الرجل [للرجل]: حَسِيبُك اللهُ
قال أبو بكر: فيه أربعة أقوال (٣٥):
قال قوم: الحسيب: العالم. ومعنى هذا الكلام التهدد، فإذا قال الرجل للرجل: حسيبك الله فمعناه: الله عالم بظلمك ومجازٍ لك عليه. واحتجوا بقول المُخَبَّل السعدي (٣٦):
(ولا تُدْخِلنَّ الدهَر قبرَكَ حَوْبَةً ... يقومُ بها يومًا عليكَ حَسِيبُ)
معناه: محاسب عليها عالم بها. والحَوْبة: الفَعْلة من الإثم / العظيم؛ من ٤١ / أ ١ قول (٣٧) الله ﷿: ﴿إنّه كانَ حُوبًا كبيرًا﴾ (٣٨) وقرأ الحسن (٣٩): (إنّه كانَ ٩٨١ /
_________
(٣٢) الواو ساقطة من ك.
(٣٣) إصلاح المنطق: ٢٣٦، وشرح المفضليات: ٢٣٠، وتفسير غريب القرآن: ١٧، وأمالي القالي: ٢ / ٢٥٤، ٢٦٢، وأساس البلاغة واللسان (قفا) بلا عزو. وفي اللسان (حسب، دوا) لامرأة من بني قشير. وقال الصغاني في التكملة (حسب) ١ / ١٠٢: إنه لامرأة من قيس يقال لها: أم العباس. وذكر العلامة الميمني في تخريجه في السمط: ٨٩٩، أنه في شرح ديوان الخنساء: ٤٨، لامرأة تميمة. وزعم البكري في لآليه: ٨٨٥ أنه لأبي يزيد العقيلي، وأنه تقدم - يعني ص: ٨٢٧ - موصولًا. وكلامه ثم يدفع ذلك. ونقفيه، أي نؤثره بالقفية، ويقال لها القفاوة، وهي ما يؤثر به الضيف والصبي.
(٣٤) ديوانها ١٦. والعشار: التي أتى عليها عشرة أشهر من لقاحها، وهي من أنفس الإبل. والخنساء هي تماضر بنت عمرو، شاعرة صحابية. (الشعر والشعراء ٣٤٣، الإصابة ٧ / ٦١٣، الخزانة ١ / ٢٠٧) .
(٣٥) ينظر في معنى الحسيب: تفسير أسماء الله الحسنى ٤٩، اشتقاق أسماء الله ٢١٧.
(٣٦) شعره: ١٢٣. والمخبل هو ربيعة بن مالك، شاعر مخضرم. (الشعر والشعراء ٤٢٠، الأغاني ١٣ / ١٨٩، الخزانة ٢ / ٥٣٦) .
(٣٧) ك: ومن ذلك قول.
(٣٨) النساء ٢.
(٣٩) شواذ القراءات: ابن خالويه: ٢٤، وزاد المسير: ٢ / ٥. وينظر كتاب الأضداد للمؤلف: ١٦٩ - ١٧٠. والحسن البصري، روى عنه أبو عمرو بن العلاء، توفي سنة ١١٠ هـ. (حلية الأولياء ٢ / ١٣١، وفيات الأعيان ٢ / ٦٩، ميزان الاعتدال ١ / ٥٢٧) .
1 / 5
حَوْبًا كبيرًا)، بفتح الحاء، وقال الفراء (٤٠): الحُوب، بالضم: الاسم، والحَوْب بالفتح: المصدر. قال نابغة بني شيبان (٤١):
(نماك أربعةٌ كانوا أئمتَنا ... فكانَ مُلكُكَ حقًّا ليسَ بالحُوبِ)
أي: ليس بالإثم.
وقال آخرون: إذا قال الرجل للرجل: حسيبك الله فمعناه: المقتدر عليك الله.
وقال آخرون: الحسيب: الكافي؛ من قول الله ﷿: ﴿عَطاءٌ حسابًا﴾ (٤٢) . فإذا قال الرجل للرجل: حسيبك الله، فمعناه: كافيَّ إيّاك اللهُ. وقالوا: لفظه الخبر ومعناه معنى الدعاء، كأنه قال: أسأل الله أن يكفينيك (٤٣) .
وقال آخرون: الحسيب المحاسب. فإذا (٤٤) قال الرجل للرجل: حسيبك الله فمعناه: محاسبك الله (٤٥) . واحتجوا بقول قيس المجنون (٤٦):
(دعا المحرمون اللهَ يستغفرونَهُ ... بمكةَ يومًا أنْ تُمَحَّى ذنوبُها)
(وناديت يا رباه أولُ سُؤْلتي ... لنفسيَ ليلى ثم أنتَ حسيبُها)
فمعناه: ثم أنت محاسبها على ظلمها. قالوا: والحسيب: هو المحاسب، ١٩٩١ بمنزلة قول العرب: الشريب، للمُشارب. قال أبو بكر: أنشد (٤٧) الفراء:
(فلا أُسقى ولا يُسقى شريبي ... ويُرويه إذا أَوردتُ مائي) (٤٨)
فمعناه: ولا يسقى مشاربي وقال الراجز (٤٩):
_________
(٤٠) يحيى بن زياد، من نحاة الكوفة المشهورين، توفي ٢٠٧ هـ. (طبقات النحويين واللغويين ١٣١، تاريخ بغداد ١٤ / ١٤٩ /، أنباه الرواة ٤ / ١) .
(٤١) ديوانه ٧٦. والنابغة الشيباني اسمه عبد الله بن المخارق من شعراء الدولة الأموية. (الأغاني ٧ / ١٠٦، المكاثرة ٣٢، اللآلي ٩٠١) .
(٤٢) النبأ ٣٦.
(٤٣) ك، ر: يكفينك.
(٤٤) ك: وإذا.
(٤٥) ك: عليه الله.
(٤٦) ديوانه ٦٧. وقيس بن الملوح، لقب بالمجنون لذهاب عقله بشدة عشقه. (الشعر والشعراء ٥٦٣ الأغاني ٢ / ١، اللآلي ٣٥٠) .
(٤٧) ك: أنشدنا.
(٤٨) الأضداد ٢٦٠، أمالي القالي ٢ / ٢٦٣.
(٤٩) نوادر أبي زيد ١٧٥، نوادر ابن الأعرابي ٢٤٦، أمالي الزجاجي ١٨٧ بلا عزو.
1 / 6
(رُبَّ شَريبٍ لكَ ذي حُساسِ ...)
(شِرابُهُ كالحَزِّ بالمواسي ...)
(ليس بمحمودٍ ولا مُواسي ...)
(يمشي رويدًا مِشيةَ النِّفاسِ ...)
فمعناه: رب مشارب لك. والحساس: المشارّة وسوء الخلق. ومن الحسيب قول الله ﷿: / ﴿إنّ اللهَ كانَ على كلِّ شيٍء حسيبًا﴾ . (٥٠) ٤١ / ب /
قال أبو بكر: فيه أربعة أقوال: يقال: عالمًا، ويقال: مقتدرًا، ويقال: كافيًا، ويقال: محاسبًا. قال أبو بكر: سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى يقول في قول الله ﷿: ﴿يا أيها النبي حسبُكَ اللهُ ومَنِ اتبعكَ من المؤمنين﴾ (٥١) يجوز في (من) الرفع والنصب؛ فالرفع على النسق على الله والنصب على معنى: يكفيك الله ويكفي من اتبعك من المؤمنين.
٣ - وقولهم: ونِعْمَ الوكيلُ
(٥٢)
قال أبو بكر: فيه ثلاثة أقوال: قال أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء (٥٣):
الوكيل: الكافي؛ كما قال ﷿: ﴿ألاّ تتخذوا من دوني وكيلًا﴾ (٥٤)، \ ١٠٠ \ معناه: ألا تتخذوا من دوني كافيًا.
وقال آخرون: الوكيل: الربّ، فالمعنى عندهم: حسبنا الله ونعم الرب، وقالوا: معنى قوله ﷿: ﴿ألا تتخذوا من دوني وكيلًا﴾ ألا تتخذوا من دوني ربًّا (٥٥) .
وقال آخرون: الوكيل: الكفيل. والمعنى عندهم: حسبنا الله ونعم الكفيل بأرزاقنا؛ واحتجوا بقول الشاعر (٥٦):
_________
(٥٠) النساء ٨٦. وهي من المصحف الشريف، وفي الأصل: وكان الله على كل شيء حسيبا.
(٥١) الأنفال ٦٤.
(٥٢) ينظر: تفسير أسماء الله ٥٤، اشتقاق أسماء الله ٢٣١، شرح أسماء الله ٢٣٢.
(٥٣) معاني القرآن ٢ / ١١٦ /. وينظر التهذيب: ١٠ / ٣٧١.
(٥٤) الإسراء ٢.
(٥٥) ك: أي ربا.
(٥٦) شقران السلامي في بهجة المجالس ٢ / ١١٢. وهما في البيان والتبيين ٣ / ١٨١ بلا عزو.
1 / 7
(ذكرتُ أبا أروى فبت كأنني ... برد الأمورِ الماضياتِ وكيلُ)
(وكلُّ اجتماعٍ من خليلٍ لفرقةٍ ... وكلُّ الذي بعدَ الفراقِ قليلُ)
قالوا: فمعنى البيت: كأنني كفيل برد (٥٧) الأمور.
قال أبو بكر: والذي أختار من هذا مذهب الفراء، وهو أن يكون المعنى: كافينا الله ونعم الكافي، فيكون الذي بعد (٥٨) نعم موافقًا للذي (٥٩) قبلها؛ كما تقول: رازقنا الله ونعم الرازق، وخالقنا الله ونعم الخالق، وراحمنا الله ونعم الراحم، فيكون هذا أحسن في اللفظ من قولك: خالقنا الله ونعم الكفيل. والقولان الآخران غير خارجين عن (٦٠) الصواب.
٤ - وقولهم: لا حولَ وقوةَ إلاّ بالله
\ ٥ \ أ \ -
/ قال أبو بكر: معناه لا حيلة ولا قوة إلا بالله. ويقال: ما للرجل حيلة، وما \ ١٠١ \ - له حول، وما له احتيال، وما له محتال، وما له محالة، وما له محلة، بمعنىً. قال الشاعر (٦١):
(ما للرجال معَ القضاءِ مَحَالةٌ ... ذَهَبَ القضاءُ بحيلةِ الأقوام)
وقال العجاج (٦٢):
(قد أركبُ الحالة بعدَ الحاله ...)
(وأتركُ العاجزَ بالجَدَاله ...)
(مُنْعَفِرًا لَيْسَتْ له مَحالَه ...)
_________
(٥٧) ك: بود.
(٥٨) ر، ك: بعدها.
(٥٩) ك: لما.
(٦٠) ك، ل: من. أمالي القالي: ٢ / ٢٦٨ - ٢٦٩، والسمط: ٩٠٧ - ٩٠٩.
(٦١) بعض بني أسد في اللآلي ٩٠٨.
(٦٢) أخل بها ديوانه. وهي في أمالي القالي ٢ / ٢٦٩ بلا عزو. ونسبت إلى أبي قردودة الطائي في التاج (أول) . والعجاج هو عبد الله بن رؤبة راجز مشهور. ت سنة ٩٠ هـ. (التاريخ الكبير ٤ / ١ / ٩٧، الشعر والشعراء ٥٩١، شرح شواهد المغني ٤٩) .
1 / 8
الجدالة: الأرض [المستوية،] من ذلك قولهم: تركته مُجَدَّلًا، أي مطروحًا على الجدالة. وكتب (٦٣) الخليل بن أحمد (٦٤) إلى سليمان بن علي:
(أَبلغْ سليمانَ أني عنه في سَعَةٍ ... وفي غِنىَ غيرَ أني لستُ ذا مالِ)
(شُحًّا بنفسي أني لا أرى أحدًا ... يموتُ فقرًا ولا يبقى على حالِ)
(فالرزقُ عن قَدَرٍ لا العجزُ ينقصُهُ ... ولا يزيدُكَ فيه حولُ محتالِ)
فالحول: الحيلة. يقال: ما للرجل مِحال، بكسر الميم، وماله مَحال بفتح الميم..
إذا كسرت الميم فالمعنى: ماله مكر ولا عقوبة، من قوله ﵎ (٦٥): ﴿وهو شديد المِحال﴾ (٦٦) معناه: شديد المكر والعقوبة.
قال عبد المطلب بن هاشم (٦٧):
(لاهُم إنّ المرءَ يمنعُ ... رَحْلَه فامنَعْ حِلالَكْ)
(لا يغْلبنّ صليبُهم ... ومِحالهم غدوًا مِحالكْ) \ ١٠٢ \
معناه: لا يغلبن مكرهم مكرك. قال الأعشى (٦٨):
(فرعُ نبْعٍ يهتز في غُصُنِ المجدِ ... غزيرُ الندى عظيمُ المِحالِ)
معناه: عظيم المكر. قال نابغة بني شيبان (٦٩):
(إن من يركبُ الفواحش سرا ... حين يخلو بسره غير خال)
(كيف يخلو وعنده كاتِباهُ ... شاهِداهُ ورَبهُ ذو المِحال)
/ وقال الآخر (٧٠): - \ ٥ / ب \
_________
(٦٣) ل، ك، ر، ف، ق: قال: كتب.
(٦٤) شعره: ١٨. والخليل بن أحمد الفراهيدي مبتكر أول معجم في العربية وواضع علم العروض، توفي ١٧٠ هـ. (أخبار النحويين البصريين ٣٠، طبقات النحويين واللغويين ٤٧، نور القبس ٥٦) .
(٦٥) ك: من ذلك قول الله.
(٦٦) الرعد ١٣.
(٦٧) سيرة ابن هشام ١ / ٥٢، تاريخ الطبري ٢ / ١٣٥، وعبد المطلب بن هاشم جد الرسول، توفي ٤٥ ق. هـ. (حذف من نسب قريش ٤، جمهرة أنساب العرب ١٤، عيون الأثر ١ / ٤٠) .
(٦٨) ديوانه ١٠. والأعشى هو ميمون بن قيس، جاهلي، أدرك الإسلام ولم يسلم. (الشعر والشعراء ٢٥٧، الأغاني ٩ / ١٠٨، الخزانة ١ / ٨٣) .
(٦٩) ديوانه ٦٤.
(٧٠) ذو الرمة، ديوانه ١٥٤٤. والشغازب: الكيد والخصومة.
1 / 9
(أَبرَّ على الخصومِ فليس خَصْمٌ ... ولا خصمانِ يغلِبُه جدالا)
(ولَبَّسَ بينَ أقوامٍ فكلٌّ ... أَعَدَّ له الشغازِبَ والمِحالا)
قال أبو بكر: وسمعت أبا العباس يقول: المِحال مأخوذ من قول العرب: قد مَحَل فلان بفلان: إذا سعى به إلى السلطان، وعرَّضه لأمر يُوبِقُهُ ويُهلِكه فيه. ومن (٧١) ذلك قولهم في الدعاء: اللهم لا تجعل القرآن بنا ماحلا، أي: لا تجعله شاهدًا بالتقصير والتضييع علينا. ومن ذلك قول النبي: (القرآنُ شافعٌ مُشَفَّعٌ، وماحلٌ مُصَدَّقٌ. فمَنْ شَفَعَ لَه القرآن يوم القيامة نجا، ومَنْ مَحَلَ به القرآن كبَّه الله على وجهه في النار (٧٢) فمعناه: ومن شهد عليه القرآن بالتضييع والتقصير.
وإذا قالت العرب للرجل: ماله مَحالٌ، بفتح الميم (٧٣)، فمعناه: ما للرجل حَوْلٌ. \ ١٠٣ \
قال: ويُروى عن الأعرج (٧٤) أنه قرأ: (وهو شديدُ المَحال) (٧٥) بفتح الميم. وتفسير ابن عباس (٧٦) يدل على الفتح، لأنه قال: المعنى: وهو شديد الحول (٧٧) .
ويقال: حَوْلَقَ الرجلُ: إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. وقال (٧٨) أبو جعفر أحمد بن عبيد (٧٩): يقال حولق الرجل وحَوْقَلَ: إذا قال ذلك.
ويقال: بَسْمَلَ الرجل، إذا قال: بسم الله، وأنشد (٨٠) أبو عبد الله بن الأعرابي
_________
(٧١) الواو من ك.
(٧٢) النهاية ٤ / ٣٠٣.
(٧٣) ك: الحاء.
(٧٤) الشواذ ٦٦، وينظر المحتسب ١ / ٣٥٦ والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز، توفي سنة ١١٧ هـ. (المعارف ٤٦٥، أخبار النحويين ١٦، طبقات القراء ١ / ٣٨١) .
(٧٥) الرعد ١٣.
(٧٦) عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، توفي سنة ٦٨ هـ. (طبقات ابن خياط ١٠، المعارف ١٢٣، نكت الهميان ١٨٠) .
(٧٧) القرطبي ٩ / ٢٩٩.
(٧٨) ك: قال: وقال أبو
(٧٩) توفي سنة ٢٧٣ هـ. (تاريخ بغداد ٤ / ٢٥٨، أنباه الرواة ١ / ٨٤، الأنساب ٩٠ ب) (٨٠) ك: وأنشدني. و(أبو عبد الله) ساقط من سائر النسخ. وابن الأعرابي هو محمد بن زياد، توفي سنة ٢٣١ هـ. (طبقات النحويين واللغويين ١٩٥، نور القبس ٣٠٢) .
(٨٠) ينظر التهذيب: ٥ / ٩٦.
1 / 10
(لقد بَسْمَلَتْ ليلى غداةَ لقيتُها ... فيا بأبي ذاكَ الحبيبُ المبسمِلُ) (٨١)
ويقال: قد أخذنا في البسملة والحولقة والحوقلة: إذا قلنا: بسم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال الشاعر (٨٢):
(فداك من الأقوام كلُّ مُبَخَّلٍ ... يحولق إمّا ساله العُرفَ سائِلُ) أي يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. / - (٦ / أ)
وقال أبو عِكرمة الضبِّيّ (٨٣): يقال قد هيلل الرجل إذا قال: لا إله إلّا الله، وقد أخذنا في الهيللة: إذا أخذنا في التهليل. - (١٠٤)
قال الخليل بن أحمد (٨٤): يقال حَيْعَلَ الرجل: إذا قال: حيّ على الصلاة، وقد أخذنا في الحَيْعَلَةِ: إذا أخذنا في هذا القول. قال الشاعر:
(ألا رُبَّ طيفٍ منكِ باتَ معانقي ... إلى أن دعا داعي الصلاة فَحَيْعَلا) (٨٥)
وقال آخر (٨٦):
(وما إن زال طيفك لي عنيقًا ... إلى أن حيعل الداعي الفلاحا)
قال: والعرب تفعل هذا كثيرًا، إذا كثر استعمالهم للكلمتين ضموا بعض حروف إحداهما إلى بعض حروف الأخرى.
من ذلك قولهم للرجل: لا تُبَرقِلْ (٨٨) علينا، معناه: لا تقصد قصد كلام لا فعل معه. وكذلك قولهم: قد أخذنا في البرقلة، أي: في كلام لا يتبعه فعل. وهو مأخوذ من البرق الذي لا يتبعه المطر (٨٩) .
وقال الفراء: المَحَالة التي تُجعل على رأس البئر بمنزلة البكرة، وتكون المحالة واحدة محال الظهر وهي فِقَر (٩٠) الظهر.
_________
(٨١) لعمر بن أبي ربيعة، ديوانه ٤٩٨.
(٨٢) الفاخر ٣١، أمالي القالي ٢ / ٢٦٩ بلا عزو.
(٨٣) ينظر التهذيب: ٥ / ٣٧٠، وأبو عكرمة هو عامر بن عمران صاحب كتاب الأمثال، توفي ٢٥٠ هـ. (معجم الأدباء ١٢ / ٣٩، بغية الوعاة ٢ / ٢٤) .
(٨٤) العين ١ / ٦٨.
(٨٥) بلا عزو في العين ١ / ٦٨ والصحاح (عنق) .
(٨٦) بلا عزو في العين ١ / ٦٨ والفاخر ٣١. وفي ك: وقال الآخر.
(٨٧) بلا عزو في العين ١ / ٦٨.
(٨٨) ك: تتوقل. وينظر في هذا المثل جمهرة الأمثال ٢ / ٤١٠ ومجمع الأمثال ٢ / ٢٣٦.
(٨٩) ك، ر، ف: مطر.
(٩٠) ك، ر: فقرة.
1 / 11
قال أبو بكر: في قولهم: لا حول ولا قوة إلا بالله خمسة أوجه من الإعراب: أحدهن (٩١) لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله، على أن تنصب الحول بلا، على (١٠٥) التبرئة، وتجعل القوة نسقًا على الحول، والباء خبر التبرئة. والخليل وسيبويه (٩٢) يسميان التبرئة: النفي.
والوجه الثاني: لا حولٌ ولا قوةٌ إلا بالله. فترفع الحول بلا، وتجعل القوة نسقًا على الحول. وقد قُريء بالوجهين (٩٣) جميعًا في كتاب الله ﷿: ﴿فلا رَفَثَ ولا فسوقَ ولا جدالَ في الحج﴾ (٩٤)، وقرأوا (٩٥): ﴿فلا رفثٌ ولا فسوقٌ ولا جدالٌ في (٦ / ب﴾ الحج) . / وقرأوا: ﴿لا بيعَ فيه ولا خُلَّةَ ولا شفاعةَ﴾ (٩٧) و﴿لا بيعٌ فيه ولا خُلَّةَ ولا شفاعةٌ﴾ .
قال الفراء (٩٨): إنما يحسن فيه الرفع إذا نُسِقَ عليه بولا، فإذا لم ينسق عليه بولا فاختياره النصب كقوله جل وعز: ﴿ألم ذلكَ الكتابُ لا ريبَ فيه﴾ (٩٩)، الريب منصوب بلا على التبرئة و(فيه) خبر التبرئة، قال: ولم يقرأ أحد من القراء: لا ريب فيه، بالرفع. قال أبو بكر: وزعم الفراء أنها لغة للعرب، وحكى عن بعضهم: " لا إلهٌ إلّا الله ". ومن ذلك قول جرير (١٠٠):
(نُبِّئْتُ جَوَّابًا وسَكْنًا يسبني ... وعَمرو بن عِفْرَى لا سلامٌ على عَمرِو)
وأنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي:
_________
(٩١) ق: أحدها.
(٩٢) ينظر الكتاب ١ / ٣٥١. وسيبويه هو عمرو بن عثمان، لزم الخليل ونقل آراءه في (الكتاب)، توفي ١٨٠ هـ. (المراتب ٦٥، طبقات النحويين واللغويين ٦٦، الأنباه ٢ / ٣٤٦) .
(٩٣) ك: في الوجهين.
(٩٤) البقرة ١٩٧.
(٩٥) ساقطة من ك. وهي قراءة أبي جعفر كما في المحرر الوجيز ١ / ٥٥٤.
(٩٦) ل: وكذلك قرأوا.
(٩٧) البقرة ٢٥٤. وينظر السبعة ١٨٧.
(٩٨) معاني القرآن ١ / ١٢٠.
(٩٩) البقرة ٢٧١. البقرة: ١، ٢. وقد نسب ابن خالويه في الشواذ: ٢، القراءة بالرفع فيها إلى زهير الفرقبي. ونسب أبو حيان ذلك في البحر المحيط: ١ / ٣٦، إلى أبي الشعثاء. ثم قال: " وكذا قراءة زيد بن علي حيث وقع ".
(١٠٠) ديوانه ٤٢٥. وجرير بن عطية بن الخطفي شاعر أموي مشهور. (طبقات ابن سلام ٧٥، الشعر والشعراء ٤٦٤، الأغاني ٨ / ٣) .
1 / 12
(الحربُ لا يبقي ... لجاحِمِها التَخَيُّلُ والمِراحُ)
(إلا الفتى الصبار في ... النْجدات والفرسُ الوقاحُ) (١٠٦)
(مَنْ صَدَّ عن نيرانها ... فأنا ابنُ قيسٍ لا براحُ) (١٠١)
والوجه الثالث: لا حولٌ ولا قوةَ إلا بالله، برفع الحول ونصب القوة. والمعنى: لا حولٌ إلا بالله ولا قوةَ إلا بالله. قال أمية بن أبي الصلت (١٠٢):
(فلا لَغْوٌ ولا تأثيمَ فيها ... وما فاهوا به لهم مُقيمُ)
والوجه الرابع: لا حولَ ولا قوةٌ إلا بالله، تنصب الحول ب (لا) وترفع القوة بالباء، والمعنى: لا حولَ إلا بالله، ولا قوةٌ إلا بالله. قال الشاعر (١٠٣):
(وإذا تكونُ كريهةٌ أُدعى لها ... وإذا يُحاسُ الحيس يُدُعى جُندبُ)
(ذا كم وجَدِّكم الصغارُ بعينِهِ ... لا أمَّ لي إنْ كانَ ذاكَ ولا أبُ)
والوجه الخامس: لا حولَ ولا قوةً إلا بالله، بنصب الحول والقوة جميعًا، / (٧ / أ) والحول غير منون، والقوة منونة. قال الشاعر (١٠٤):
(رأتْ إبلي برمل جَدودَ ألّا ... مَقيلَ لها ولا شِرْبًا نقوعا) (١٠٧)
قال الفراء: (لا) معناها السقوط من الكلام، كأنه قال: لا حول وقوة إلا بالله. وأنشد الفراء حجة لهذا:
_________
(١٠١) الأبيات لسعد بن مالك وهي شرح ديوان الحماسة (م) ٥٠٠ و(ت) ٢ / ٧٣.
(١٠٢) ديوانه ٤٧٥، ٤٧٧. وينظر معاني القرآن ١ / ١٢١، ٣ / ٢٣٢، وإيضاح الوقف والابتداء: ٦٩ و(بن أبي الصلت) ساقط من سائر النسخ. وأمية جاهلي أدرك الإسلام. (الشعر والشعراء ٤٥٩، الأغاني ٤ / ١٢٠، الخزانة ١ / ١١٨) .
(١٠٣) اختلف فيه، فهو رجل من مذحج عند سيبويه ١ / ٣٥٢ وهني بن أحمر في المؤتلف والمختلف ٤٥ وهمام بن مرة الشيباني في الحماسة الشجرية ٢٥٤ وضمرة بن ضمرة في الخزانة ١ / ٢٤٣ والزرافة (الكاهلي؟) الباهلي في شرح أبيات سيبويه ١ / ١٥٩ وعمرو بن الغوث بن طيىء في فرحة الأديب ص ٢٥ والفرعل الطائي؟ في الحماسة البصرية ١ / ١٣ وعمرو بن الحارث في: من اسمه عمرو من الشعراء ٤٢٣ وعامر بن جوين أو منقذ بن مرة الكناني في حماسة البحتري ٧٨ وحري بن ضمرة فيما ذكره الميمني في ذيل اللآلى ٤١ نقلًا عن جمهرة النسب لابن الكلبي. والحيس: لبن وأقط وسمن يصنع منه طعام لذيذ. وجندب أخو الشاعر، وكان أهله يؤثرونه عليه ويفضلونه. (١٠٤) معاني القرآن ١ / ١٢٠ بلا عزو. وجدود موضع في أرض بني تميم، والمقيل موضع القيلولة. والنقوع المجتمع
1 / 13
(فلا أبَ وابنًا مثلُ مروانَ وابنِهِ ... إذا ما ارتدى بالمجد ثم تأزَّرا (١٠٥)
قال أبو بكر: وإنما لم ينون الحول، ونونت القوة، لأن الحول قرب من لا، والقوة بعدت من لا.
٥ - وقولهم: اللهمَّ مَحِّصْ عنا ذنوبَنَا
(١٠٦)
قال أبو بكر: فيه (١٠٧) أقوال:
قال قوم من أهل اللغة: المعنى اللهم طهرنا من ذنوبنا، وأسقطها عنا. واحتجوا بقول أبي داود الإيادي (١٠٨) يصف قوائم الفرس:
(صُمِّ النسورِ صحاحٍ غيرِ عاثرةٍ ... رُكِّبْنَ في مَحِصاتٍ ملتقى العَصَبِ)
النسور: اللحم الذي في باطن الحافر يشبه النوى، واحدها: نَسْر.
وقوله: في محِصات: معناه في قوائم منجردات، ليس فيها إلا العظم والجلد والعصب.
قالوا: فكذلك إذا قال الرجل: اللهم محص عنا ذنوبنا، فمعناه: جردنا من ذنوبنا.
_________
(١٠٥) كتاب سيبويه: ١ / ٣٤٩، ومعاني القرآن: ١ / ١٢٠، وشرح القصائد السبع: ٢٨٨، بلا عزو. ونسب إلى الفرزدق في شرح شواهد الكشاف: ٤ / ٣٩٨ وليس في ديوانه. وقال البغدادي في الخزانة: ٢ / ١٠٣: وقال ابن هشام في شواهده: إنه لرجل من عبد مناة بن كنانة، والله أعلم ". ونسب العيني في المقاصد: ٢ / ٣٥٥ (بهامش الخزانة) هذا القول إلى أبي عبيد البكري. وينظر: أسطورة الأبيات الخمسين: ١٥.
(١٠٦) ينظر: الفاخر ١٣٥، اللسان والتاج (محص) .
(١٠٧) ك: يقال فيه.
(١٠٨) شعره: ٢٨٥. وأبو داود اسمه جارية بن الحجاج، جاهلي. (الشعر والشعراء ٢٣٧. الأغاني ١٦ / ٣٧٣، الخزانة ٤ / ١٩٠) .
1 / 14
وقالوا: معنى قول الله ﷿ ﴿ولِيُمَحِّصَ الله الذينَ آمنوا ويَمْحَقَ الكافرينَ﴾ (١٠٩): وليجرد الله الذين آمنوا من ذنوبهم. (١٠٨)
وقال الخليل بن أحمد: اللهم محص عنا ذنوبنا، معناه: خلِّصنا من ذنوبنا. قال: والمحص عند العرب التخليص، يقال: محصت الشيء أمحَصُهُ مَحْصًا: إذا خلصته. وقال معنى قوله ﵎: ﴿وليمحص الله الذين آمنوا﴾: وليخلص الله الذين آمنوا من ذنوبهم.
وقال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (١١٠): اللهم محص عنا ذنوبنا، معناه: اكشف عنا ذنوبنا، واحتج بقول الشاعر يصف ليلًا:
(حتى بَدَتْ قَمراؤه وتَمَحَّصَتْ ... ظلماؤه ورأى الطريقَ المبصرُ) (١١١) فمعناه: وانكشفت ظلماؤه.
وقال آخرون: / اللهم محص عنا ذنوبنا، معناه: اللهم اطرح عنا ما تعلق (٧ / ب) بنا من الذنوب. قالوا: وهو مأخوذ من قول العرب: قد مَحصَ الحبل (١١٢) يَمْحَصُ مَحْصًا: إذا ذهب وبره. ويقال: حبل مَحصُ وأملس بمعنى. ويقال: قد محص الظبي يمحص (١١٣) وفحص يفحص: إذا عدا عدوًا شديدًا لا يخالطه فيه وَنَى ولا فتورٌ (١١٤) .
_________
(١٠٩) آل عمران ١٤١.
(١١٠) لغوي كوفي، ت نحو ٢٠٥ هـ. (تاريخ بغداد ٦ / ٣٢٩، معجم الأدباء ٦ / ٧٧، الأنباه ١ / ٢٢١) .
(١١١) الفاخر ١٣٥، اللآلى ٩١٦، الأساس " محص " بلا عزو.
(١١٢) ك: البعير.
(١١٣) سقطة من ك. ر.
(١١٤) لا يخلطه ... فتور: ساقط من ك.
1 / 15
(١٠٩)
٦ - قولهم: اللهُمَّ اغفِرْ لنا ذنوبَنا
(١)
قال أبو بكر: قال قطرب [محمد] بن المستنير (٢): معناه اللهم غطِّ علينا ذنوبنا. قال: وهو مأخوذ من قول العرب: قد غفرت المتاع في الوعاء أغفره غفرا، ويقال: اغفر متاعك في الوعاء، أي: غطه فيه.
قال أبو بكر: وسمعت أبا العباس يقول: تقول العرب: [قد] غفر الرجل في مرضه يغفر غفرًا إذا نُكِسَ في مرضه، فكأن المرض غطَّى عليه. واحتج بقول الشاعر (٣):
(خليلي إنَّ الدارَ غَفْرٌ لذي الهوى ... كما يغفرُ المحمومُ أو صاحبُ الكَلْمِ)
ومن ذلك قوله ﷿: ﴿واستغفروا ربكم﴾ (٤)، معناه: سلوا ربكم أن يغطي عليكم ذنوبكم. ومن ذلك قوله: ﴿أنِ اعبدوا الله واتقوه وأطيعونِ يَغْفِرْ لكم من ذنوبكم﴾ (٥) . معناه: يغطي عليكم ذنوبكم. (٨ / أ)
قال الكِسائي (٦) وهشام (٧) وغيرهما: / (من) في هذا الموضع زائدة، وذهبوا إلى أنها مؤكدة للكلام، والمعنى عندهم: يغفر لكم ذنوبكم. وقالوا: هو بمنزلة قوله: ﴿ولهمْ فيها منْ كلِّ الثمراتِ﴾ (٨)، والمعنى: ولهم فيها كل الثمرات واحتجوا بقوله ﷿: ﴿قُلْ للمؤمنينَ يغضوا من أبصارهم﴾ (٩)، فالمعنى:
_________
(١) الفاخر ١٣٤، اللسان والتاج (غفر) .
(٢) توفي سنة ٢٠٦ هـ (طبقات النحويين ٩٩، نور القبس ١٧٤: أخبار النحويين ٣٨) .
(٣) المرار الفقعسي، شعره: ١٧٦.
(٤) هود ٩٠.
(٥) نوح ٣، ٤
(٦) علي بن حمزة، إمام أهل الكوفة في النحو، وأحد القراء السبعة، توفي ١٨٩ هـ. (نور القبس ٢٨٣، الأنباه ٢ / ٢٥٦، البغية ٢ / ١٦٢) .
(٧) هشام بن معاوية الضرير، أخذ عن الكسائي، توفي سنة ٢٠٩ هـ. (نزهة الألباء ١٦٤. أنباه الرواة ٣ / ٣٦٤، وفيات الأعيان ٦ / ٨٥) .
(٨) محمد ١٥.
(٩) النور ٣٠.
1 / 16
يغضوا أبصارهم، واحتجوا بقوله ﷿: ﴿وَعَدَ الله الذينَ آمنوا وعملوا (١١٠﴾ الصالحاتِ منهم مَغْفِرةً وأَجْرًا عظيمًا) (١٠)، قالوا: فمن ليست في هذا الموضع مُبعضة إنما المعنى: وعدهم الله كلهم مغفرة وأجرًا عظيمًا، فدخلت (من) للتوكيد. وكذلك قوله: ﴿ولتكنْ منكم أمةٌ يدعونَ إلى الخير﴾ (١١)، فلم يؤمر بهذا بعضهم دون بعض، إنما المعنى: ولتكونوا كلكم أمة يدعون إلى الخير. ومن ذلك قول الشاعر (١٢):
(أخو رغائبَ يُعطيها ويسألُها ... يأبى الظلامَة منه النَوْفَلُ الزُّفَرُ)
النوفل: الكثير الإعطاء للنوافل. والزفر: الذي يحمل الأثقال والأمور التي يعجز عنها غيره. و(من) مؤكدة للكلام. وقال أصحاب المعاني: المعنى (١٣) يأبى الظلامة، لأنه نوفل زفر. قال ذو الرمة (١٤):
(إذا ما امرؤ حاولنَ أنْ يقتتلْنَهُ ... بلا إحْنَةٍ بينَ النفوسِ ولا ذَحْلِ)
(تبسَّمنَ عن نَوْرِ الأقاحيِّ في الثرى ... وفَتَّرْنَ من أبصارِ مضروجةٍ نُجْلِ)
أراد: وفترن أبصارًا مضروجةً، فأكَّد الكلام بمن.
قال أبو بكر: قال الفراء (١٥): معنى قوله ﷿: ﴿يغفر لكم من ذنوبكم﴾ (١٦): يغفر لكم من أذنابكم وعن أذنابكم (١٧)، أي: يغفر لكم من أجل وقوع الذنوب منكم؛ كما تقول / في الكلام: قد اشتكيت من دواء شربته؛ (٨ / ب / ١١١) فالمعنى: قد اشتكيت من أجل الدواء الذي شربته.
_________
(١٠) الفتح ٢٩.
(١١) آل عمران ١٠٤.
(١٢) أعشى باهلة، الصبح المنير ٢٦٧. والزفر: السيد. وينظر الأضداد: ٢٥٢.
(١٣) ساقطة من ك.
(١٤) ديوانه ١٤٤ - ١٤٥. وينظر الأضداد ٢٥٣. والاحنة العداوة. والذحل الطلب بالدم، وهو هنا الأمر الذي أساءت به والنور الزهر. ومضروجة: واسعة شق العين. ونجل: واسعات العيون. وذو الرمة هو غيلان ابن عقبة صاحب مية، ت ١١٧ هـ. (الشعر والشعراء ٥٢٤، اللآلي ٨١، الخزانة ١ / ٥٠) .
(١٥) معاني القرآن ٣ / ١٨٧.
(١٦) نوح ٤.
(١٧) كذا في المعاني، ولا يعرف جمع ذنب بمعنى اثم على أذناب.
1 / 17
وقال قطرب: من المغفرة قولهم: قد غَفَرَ الرجل رأسه بالمِغْفَر، أي: غطاه به، ويقال للبيضة التي يغطى بها الرأس: الغفارة.
وقال الأصمعي (١٨): معنى قولهم: اللهم اغفر لنا ذنوبنا: اللهم استر علينا ذنوبنا. قال: والعرب يقول الرجل منهم للرجل: اصبغ ثوبك [بقرف السدر] فإنه اغفرُ للوَسَخِ، أي: أستر للوسخ.
وفي: يصبغ، ثلاث لغات: يقال: قد صَبَغَ الثوبَ يصبَغُهُ ويصبغُهُ، ويصبُغُهُ، وكذلك دَبَغَ الجلدَ يدبِغُهُ ويدبَغُهُ، ويدبُغُهُ، ونَغَقَ (١٩) الغرابُ، إذا صاح، ينغَقُ وينغِقُ وينغُقُ، وكذلك نَهَقَ الحمار ينهَقُ وينهِقُ وينهُقُ. قال أبو بكر: حكى (٢٠) هذا أبو العباس عن سَلَمَة (٢١) عن الفراء
٧ - وقولهم: اللهم لا مانعَ لما أعطيتَ ولا معطيَ لما منعتَ ولا ينفع ذا الجَدِّ منكَ الجَدُّ
(٢٢)
قال أبو بكر: فيه ثلاثة أقوال:
قال أبو عُبيْد القاسم بن سلام (٢٣) المعنى: ولا ينفع ذا الغِنى منك غناه، وإنما ينفعه طاعتك والعمل بما يقربه منك. (١١٢)
واحتج بقول النبي. (قمتُ على باب الجنةِ فإذا عامةُ من يدخلها
_________
(١٨) هو عبد الملك بن قريب، ت ٢١٦ هـ. (المراتب ٤٦، الجرح والتعديل ٢ / ٢ / ٣٦٣، طبقات القراء ١ / ٤٧٠) .
(١٩) من ك، ل، وفي الأصل: نعق بالعين المهملة، وكلاهما صحيح.
(٢٠) ل: حكى لنا.
(٢١) سلمة بن عاصم، والد المفضل صاحب كتاب الفاخر. (طبقات النحويين واللغويين ١٣٧، أنباه الرواة ٢ / ٥٦، طبقات القراء ١ / ٣١١) .
(٢٢) حديث شريف، ينظر: غريب الحديث ١ / ٢٥٦، والغريبين ١ / ٣٢٦، النهاية ١ / ٢٤٤.
(٢٣) غريب الحديث ١ / ٢٥٧. وأبو عبيدة، ت ٢٢٤ هـ. (مراتب النحويين ٩٣، تاريخ بغداد ١٢ / ٤٠٣، الأنباه ٣ / ١٢) .
1 / 18
الفقراءُ وإذا أصحابُ الجَدِّ محبوسون) (٢٤) . فمعناه: وإذا أصحاب الغنى في الدنيا محبوسون (٢٥) . قال: وهو بمنزلة قوله ﷿: ﴿يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليمٍ﴾ (٢٦) وقوله (٢٧): ﴿وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زُلفى إلاّ مَنْ آمن وعَمِلَ صالحًا (٢٨﴾) .
/ وقال غير أبي عبيد: الجَدُّ في هذا الموضع الحظ وهو الذي تسميه العوام (٩ / أ) البخت. والمعنى عندهم: ولا ينفع ذا الحظ منك الحظ إنما ينفعه العمل بطاعتك. وقالوا هو مأخوذ من قول العرب: لفلان جَدٌّ في الدنيا، أي: حظ وبخت؛ قال امرؤ القيس (٢٩):
(ألا يا لهفَ نفسي إثر قوم ... هم كانوا الشِّفاءَ فلم يُصابوا)
(وقاهم جَدُّهم ببني أبيهم ... وبالأَشْقَيْنَ ما كانَ العقابُ)
أراد (٣٠): وقاهم حظهم. وقال الأخطل (٣١):
(أعطاكم الله جَدًّا تنصرونَ به ... لا جَدَّ إلاّ صغيرٌ بعدُ مُحْتَقَرُ)
ومنه قول الآخر (٣٢):
(عِشْ بجَدٍ ولا يَضركَ نَوْك ... إنّما عيشُ مَنْ ترى بالجدودِ)
قال أبو بكر: وسمعت أبا العباس يقول: الجد في كلام العرب ينقسم على (١١٣) أقسام:
_________
(٢٤) غريب الحديث ١ / ٢٥٧ - ٥٨.
(٢٥) فمعناه ... محبوسون: ساقط من ك.
(٢٦) الشعراء ٨٩.
(٢٧) من ك، ل. وفي الأصل: وهو بمنزلة قوله.
(٢٨) سبأ ٣٧.
(٢٩) ديوانه ١٣٨ وينظر شرح القصائد السبع: ٦.
(٣٠) ساقطة من ك.
(٣١) ديوانه ١٠٤ (صالحاني)، ٢٠ (قباوة) . والأخطل هو غياث بن غوث التغلبي، ت ٩٠ هـ. (طبقات ابن سلام ٤٥١، الشعر والشعراء ٤٨٣) .
(٣٢) ك: وقال الآخر. والبيت لأبي محمد اليزيدي في شعر اليزيدين ٤٥.
1 / 19
يكون الجد أبا الأب، ويكون الجد أبا الأم، ويكون الحظ، وهو الذي تسميه العوام البخت، ويكون الجد الجلال، ويكون الجد العظمة؛ كما قال الله ﷿: ﴿وأَنَّهُ تعالى جَدُّ ربِّنا﴾ (٣٣)، قال ابن عباس: معناه: وأنه تعالى جلالُ ربِّنا. واحتج بقول الشاعر:
(ترفَّعَ جَدُّكَ إنِّي امرؤٌ ... سقتني الأعادي إليك السِّجالا) (٣٤)
وقال الحسن: تعالى جد ربنا، معناه: تعالى غنى ربنا. وقال السُّدِّيَ (٣٥): معناه تعالى أمره. وقال مجاهد (٣٦): معناه تعالى ذكر ربنا. وقال غيرهم: معناه تعالت عظمة ربنا. وهذه الأقوال متقاربة في المعنى (٣٧) . (٩ / ب)
وقال أبو العباس: يقال: قد / جَدَّ الرجل يَجدُّ إذا صار له جَد، وما كنت ذا جَدٍّ، ولقد جَدُدْتَ، وأنت تَجَدُّ يا رجل (٣٨) .
قال: وأنشدني ابن الأعرابي:
(ولقد يُجدُّ المرءُ وهو مُقَصِّرٌ ... ويخيبُ سَعْيُ المرءِ غيرَ مقصِّرِ) (٣٩) (١١٤)
ويقال: أَجَدَّهُ الله: إذا جعل له جَدًّا، وحُظَّ الرجلُ فهو محظوظٌ، من الحظِّ.
وقال أبو العباس: ما كنت ذا حظٍّ، ولقد حَظِظْتَ وأنت تَحَظُّ: ويقال: رجل حَظِيظٌ جَديدٌ، من الجَدِّ والحَظِّ
_________
(٣٣) الجن ٣. وينظر تفسير الطبري ٢٩ / ١٠٣ ففيه أقوال الحسن والسدي ومجاهد، ونسب قول ابن عباس فيه إلى قتادة.
(٣٤) تفسير الطبري ٢٩ / ١٠٥ بلا عزو. والسجال جمع سجل. وهو الدلو (٣٥) إسماعيل بن عبد الرحمن، توفي سنة ١٢٧ هـ. (النجوم الزاهرة ١ / ٣٠٤، ميزان الاعتدال ١ / ٢٣٦، طبقات المفسرين ١ / ١٠٩) .
(٣٦) مجاهد بن جبر، توفي سنة ١٠٣ هـ. (المعارف ٤٤٤، طبقات القراء ٢ / ٤٤، طبقات الحفاظ ٣٥ (٣٧) ينظر: زاد المسير ٨ / ٣٧٨، وبصائر ذوي التمييز ٢ / ٣٧٠.
(٣٨) (يا رجل) ساقط من ك.
(٣٩) شرح القصائد السبع ٤٥٧ والأضداد: ٢٠٧، وشرح المفضليات: ٦٤٩، ٦٩٧ بلا عزو. ف: ويضيع.
(٤٠) ك: الجد.
1 / 20