في مسالة لا تعتقدها، واحذر التكبر (٥١) والعجب بعملك، فيا سعادتك إن نجوت منه كفافا لا عليك ولا لك، فوالله ما رمقت عيني أوسع علما ولا أقوى ذكاء من رجل يقال له: ابن تيمية، مع الزهد في المأكل والملبس والنساء، ومع القيام في الحق والجهاد بكل ممكن، وقد تعبت في وزنه وفتشته حتى مللت في سنين متطاولة، فما وجدت قد أخره بين أهل مصر والشام ومقتته نفوسهم وازدروا به وكذبوه وكفروه إلا الكبر والعجب، وفرط الغرام في رياسة المشيخة والازدراء بالكبار، فانظر كيف وبال الدعاوي ومحبة الظهور، نسأل الله تعالى المسامحة، فقد قام عليه أناس ليسوا بأورع منه ولا أعلم منه ولا أزهد منه، بل يتجاوزون عن ذنوب أصحابهم وآثام أصدقائهم، وما سلطهم الله عليه بتقواهم وجلالتهم بل بذنوبه، وما دفعه الله عنه وعن أتباعه أكثر، وما جرى عليهم إلا بعض ما يستحقون، فلا تكن فى ريب من ذلك (٥٢) .
_________
(٥١) وفي "س" والمطبوعه (الكبر) .
(٥٢) قلت: هذه سنة الله تعالى في خلقه حيث أنه لا يقوم أحد من عباده الصالحين بالدعوة والجهاد في سبيله إلا أوذي وامتحن، وكان مصيرة الطرد والتشريد والعقاب، كما فعل بشيخ الاسلام ﵀، وكلام المصنف ﵀ في مدح شيخه ابن تيمية والثناء عليه أشهر من أن يذكر وأكثر من أن يحصر، فمن ذلك قوله في (تذكرة الحفاظ، ٤: ١٤٩٦): (وكان - أي ابن تيمية - من بحور العلم، ومن الأذكياء المعدودين والزهاد الأفراد والشجعان الكبار والكرماء الأجواد، أثنى عليه الموافق والمخالف) اهـ، وللمؤلف رسالة في =
1 / 38