31

زاد المسير

زاد المسير

پوهندوی

عبد الرزاق المهدي

خپرندوی

دار الكتاب العربي

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٢ هـ

د خپرونکي ځای

بيروت

التصفح، ولم يكن بهم صمم ولا بكم حقيقة، ولكنهم لما التفتوا عن سماع الحق والنطق به كانوا كالصّم البكم. والعرب تسمي المعرض عن الشيء: أعمى، والملتفت عن سماعه: أصمّ، قال مساكين الدّارميّ: ما ضرّ لي جارا أجاوره ... ألا يكون لبابه ستر أعمى إذا ما جارتي خرجت ... حتى يواري جارتي الخدر وتصمُّ عما بينهم أذني ... حتى يكون كأنه وقر «١» [سورة البقرة (٢): آية ١٩] أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩) قوله تعالى: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ، أو: حرف مردود على قوله: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نارًا «٢»، واختلف العلماء فيه على ستة أقوال: أحدها: أنه داخل ها هنا للتخيير، تقول العرب: جالس الفقهاء أو النحويين، ومعناه: انت مخير في مجالسة أي الفريقين شئت، فكأنه خيرنا بين أن نضرب لهم المثل الأول أو الثاني. والثاني: أنه داخل للابهام فيما قد علم الله تحصيله، فأبهم عليهم ما لا يطلبون تفصيله، فكأنه قال: مثلهم كأحد هذين، ومثله قوله تعالى: فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً «٣»، والعرب تبهم ما لا فائدة في تفصيله. قال لبيد: تمنى ابنتاي أن يعيش أبوهما ... وهل أنا إِلا من ربيعة أو مضر أي: هل أنا إلا من أحد هذين الفريقين، وقد فنيا، فسبيلي أن أفنى كما فنيا. والثالث: أنه بمعنى: بل. وأنشد الفراء: بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى ... وصورتها أو أنت في العين أملح والرابع: أنه للتفصيل، ومعناه: بعضهم يشبه بالذي استوقد نارًا، وبعضهم بأصحاب الصيّب. ومثله قوله تعالى: كُونُوا هُودًا أَوْ نَصارى «٤»، معناه: قال بعضهم، وهم اليهود: كونوا هودا، وقال النصارى: كونوا نصارى. وكذلك قوله: فَجاءَها بَأْسُنا بَياتًا أَوْ هُمْ قائِلُونَ «٥»، معناه: جاء بعضهم بأسنا بياتًا، وجاء بعضهم بأسنا وقت القائلة. والخامس: أنه بمعنى الواو. ومثله قوله تعالى: أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ «٦» . قال جرير: نال الخلافة أو كانت له قدرًا ... كما أتى ربَّه موسى على قدر «٧»

(١) الوقر: ثقل في الأذن، أو ذهاب السمع كله، وجاء في القرطبي ١/ ٢٥٩ حتى يواري جارتي الجدر. (٢) البقرة: ١٧. (٣) البقرة: ٧٤. [.....] (٤) البقرة: ١٣٥. (٥) الأعراف: ٤. (٦) النور: ٦١. (٧) قاله جرير في عمر بن عبد العزيز.

1 / 38