مشر ثائر احمد عرابی
الزعيم الثائر أحمد عرابي
ژانرونه
وكانت معركة التل الكبير سلسلة فضائح انتهت بهزيمة الجيش المصري، لم يحصل فيها قتال بالمعنى الصحيح إلا من ثلاثة آلاف من الجند، وكانت فيما عدا ذلك أشبه بمهزلة أو مأساة، فهي صفحة محزنة من تاريخ مصر الحربي والقومي، وقد خلت من البطولة التي كان يمكن أن تغير من مصير المعركة أو تخفف من غضاضة الهزيمة، وتقوي روح المقاومة في البلاد.
كارثة الاحتلال
(1) الهزيمة
بلغ عرابي العاصمة ظهر يوم الهزيمة - الأربعاء 13 سبتمبر سنة 1882 - وكان أعضاء المجلس العرفي مجتمعين منذ ساعات طويلة في «قصر النيل» ينتظرون أنباء المعركة، وبقي يعقوب باشا سامي ملازما مكتب التلغراف، دون أن يكاشف أحدا بما يتلقاه من الأخبار، إلى أن أنبأ الحاضرين أن ناظر الجهادية «عرابي» قادم على عجل إلى العاصمة، فأيقنوا أنها الهزيمة لا محالة.
وبعد قليل جاء عرابي يصحبه علي الروبي، وكان وجهه مكفهرا وعلائم الاضطراب بادية عليه ... فجلس على مقعده وظل صامتا لا يتكلم مدة عشرين دقيقة، ثم عقد مجلس حافل في قصر النيل من أعضاء المجلس العرفي وبعض الأمراء والكبراء، وأخذ عرابي يشرح لهم أسباب الهزيمة وكيف فوجئ بهجوم الإنجليز، ونسب إلى الجند عدم إطاعة أوامره في القتال، ثم استشار الحاضرين فيما يجب عمله، وهل يجب الاستمرار في المقاومة أم أن الصواب في التسليم ... فاختلفت الآراء، وكثر اللغط، وتشعبت أفكار القوم، ثم قام الأمير إبراهيم أحمد ابن عم الخديو، وحث على الاستمرار في المقاومة قائلا: «القاهرة غاصة بالجند ومخازن الحربية ملأى بالسلاح والذخيرة والميرة، ووسائل الدفاع متوافرة، والواجب هو الدفاع ما دام فينا بقية.» فاستحسن الحاضرون قوله ظاهرا، ولكن نفوسهم كانت قد دب إليها اليأس وجنحت إلى التسليم. واستقر الرأي في هذا الاجتماع على إنشاء خط دفاعي في ضواحي العاصمة.
وإنفاذا لهذا الرأي ذهب عرابي إلى العباسية يصحبه محمد مرعشلي باشا باشمهندس الاستحكامات، ومحمد رضا باشا قائد لواء الفرسان واللواء حسن باشا مظهر، لاختيار الموقع الملائم لخط الدفاع، وطلب من محمد مرعشلي باشا وضع تصميم لإنشاء خط دفاعي أمام المطرية شرقي عين شمس، ليمتد يمينا إلى الجبل ويمتد شمالا إلى ترعة الإسماعيلية، ثم ينعطف إلى النيل عند فم رياح ترعة الإسماعيلية بالقرب من شبرا، ثم ذهبوا إلى مركز الطوبجية.
قال عرابي في هذا الصدد: «وأردنا استعراض العساكر الموجودة هناك، فلم نجد إلا ألف رجل من خفراء البلاد بغير ضباط، ونحو أربعين نفر سواري في مركز عساكر الخيالة مع أحمد بك نير، فقال الأميرالاي المذكور أنه يقف في وجه العدو ويقاتله برجاله الأربعين حتى يموت معهم، ولكن ما الفائدة وليس لدينا جيش يقوى على الدفاع، فلما شاهدنا ذلك علمنا أن الأولى حقن الدماء وحفظ القاهرة من غوائل الحرب والدمار.»
ثم رجع عرابي ومن معه إلى المجلس العرفي بقصر النيل وأخبر الحاضرين بما شاهده ... فاستقر رأي الحاضرين على التسليم، وكتابة عريضة إلى الخديو يلتمسون فيها العفو عنهم ويقدمون له الخضوع ويعتذرون عن أفعالهم الماضية، فحرروا العريضة وأمضاها عرابي ومن معه، وأرسلوها مع وفد مؤلف من محمد رءوف باشا حكمدار السودان السابق، وبطرس غالي باشا وكيل الحقانية، وعلي باشا الروبي، ويعقوب سامي باشا ... ورءوف باشا هو الذي تولى فيما بعد رياسة المحكمة العسكرية، التي حكمت على عرابي وصحبه بالإعدام. (1-1) احتلال العاصمة
لم تكد تنتهي معركة التل الكبير بما انتهت إليه، حتى أمر الجنرال ولسلي فرقة الفرسان بقيادة الجنرال «دروري لو» أن تبادر بالزحف على القاهرة لاحتلالها، وأمر الجيش الهندي بقيادة الجنرال مكفرسن باحتلال الزقازيق، لمنع الجيش المصري من استخدامها قاعدة لمواصلات السكك الحديدية، فسار الفرسان نحو مدينة بلبيس واحتلوها ظهر يوم 13 سبتمبر ، وحجز بها الجنرال دروري لو التلغرافات التي أعدها عرابي إلى مديريات الوجه البحري بحشد الجنود لمقاومة زحف الجيش البريطاني، واحتل الجنرال مكفرسن الزقازيق في ذلك اليوم دون مقاومة، واستولى فيها على خمسة قاطرات مشحونة بالذخيرة والمؤن.
واستأنف الجنرال دروري لو الزحف قاصدا العاصمة يوم الخميس 14 سبتمبر سنة 1882، فتحرك من بلبيس في منتصف الساعة الخامسة صباحا في قوة لا يمكن أن تكفي في الأوقات العادية لاحتلال العاصمة، ولكن هزيمة التل الكبير قد قضت على روح المقاومة.
ناپیژندل شوی مخ