لا تخطئ يا كاسياس.
ولتعلمن أنه إن كانت حالتي تغيرت وتنكرت بشاشتي، فعلى نفسي لا سواي ذلك التنكر، لقد تكدر صفوي آنفا، وأصابتني لواعج هم شتى وهواجس أفكار لا تخص غيري، ولعل هذه قد غيرت قليلا من مظاهري نحو الخلان، ولكن إخواني - وأنت أحدهم - لا يجدر بهم أن يتأذوا من ذلك، ولا أن يؤولوا تفريطي في واجباتهم بأكثر من أن بروتاس التعس لاستيائه من حالته، وثورانه ضد نفسه، قد أهمل أن يتحلى لإخوانه باللائق من مظاهر الحب والمودة.
كاسياس :
أراني إذن أسأت فهم شعورك الحقيقي يا بروتاس، ومن ثم ما جال في ضميري من تلك الفكر الخطيرة الجديرة بالتأمل والتدبر، خبرني يا بروتاس ألا تستطيع رؤية وجهك؟
بروتاس :
كلا يا كاسياس؛ لأن العين لا ترى نفسها إلا بانعكاس صورتها، أي بواسطة وسائل أخرى.
كاسياس :
هذا هو الواقع، ومن أكبر دواعي الأسف يا بروتاس أنك لا تملك المرآة التي تستطيع أن تعرض على عينك فضائلك المكنونة كيما ترى خيال نفسك. لقد بلغني أن كثيرا من وجوه روما وأعيانها «خلاف قيصر الخالد» كلما ذكروا بروتاس، وأخذوا يتوجعون من مظالم هذا العصر ودوا لو أن الهمام بروتاس أتيح له أن يفقه حقيقة نفسه، ويدرك ما له من جليل الفضائل والمناقب.
بروتاس :
إلى أي أخطار تريد أن تسوقني يا بروتاس بحملك إياي على أن أبتغي عند نفسي ما ليس فيها؟
ناپیژندل شوی مخ