وتتسم الكتابات التي احتوتها هذه المجموعة بالسمات التي يدل عليها عنوانها: اليوميات والصحفيات؛ وهي امتداد المجال، وتجدد المناسبات، وسهولة التناول، وسرعة المساجلة في حينها بين النقد والرد، أو بين السؤال والجواب.
ولا يفهم من عنوان اليوميات أنها بنت يومها أو بنت ساعتها، إنما يفهم منه أن مناسباتها العارضة قد تكون بنت يومها - بل بنت ساعتها ولحظتها - ولكنها مجرد مناسبات عارضة للكلام في موضوع غير عارض، أو غير موقوت بزمن من الأزمان في معظم الأحيان.
وقد تيسر تقسيم بعضها حسب موضوعاته الشاملة، ولكنها في جملتها تتأبى على التقسيم والتوزيع؛ لأن الاستطراد الذي لا مناص منه في الموضوعات المتنقلة كثيرا ما يجمع في اليومية الواحدة كلاما يصلح لإلحاقه بباب العقائد والمذاهب كما يصلح لإلحاقه بباب التراجم والشخصيات، مع التطرق من هنا وهناك إلى مسائل الاجتماع والأخلاق أو مسائل الآداب والفنون، وقد يغني عن حصرها في الأبواب المحدودة أن تتبع في ختام الكتاب بفهرس للأعلام والمباحث يدل على مواضعها من الصفحات، ولا حاجة معه إلى مراعاة التسلسل في ترتيب الأيام.
على أن المجموعة كلها قد تلحق بباب واحد من أبواب التأليف القديم والحديث، بل هو الأصل في كلمة التأليف، التي تعني جمع الشوارد ونقلها من الوحشة المتباعدة إلى الألفة المتقاربة، ثم انتقل هذا الباب في العصر الحديث بعنوان واسع، يسلك فيه أشتات الرسائل والمذكرات واليوميات الخاصة أو اليوميات العامة، ومنها هذه اليوميات التي كتبت من قبل، وجمعت اليوم، بإذن واقتراح من أصدقائنا القراء.
عباس محمود العقاد
الأدباء بين جيل وجيل1
من جيل إلى جيل
كم يبقى من حقائق التاريخ من جيل إلى جيل؟
بل كم يبقى من حقائقه في الجيل الواحد، بين المعلوم والمجهول، وبين المألوف والمستغرب، وبين حسن النية والنية التي تسوء وتسيء ثم تصر على السوء والإساءة؟
قصارانا بعد كل مقال وكل سكوت أن نقول: ويل من التاريخ ما أظلمه! أو نقول: ويل للتاريخ ما أثقل الظلم عليه!
ناپیژندل شوی مخ