الأربعاء
إن هذا المخلوق الغريب ليس بسمكة ... إنني لا أستطيع التكهن بحقيقته، فهو يطلق أصواتا شيطانية غريبة عندما يكون غاضبا، كما يقول: «جو! ... جو!» عندما يكون مسرورا، إنه ليس واحدا منا لأنه لا يمشي، وهو ليس بطائر لأنه لا يطير، وليس بضفدع لأنه لا يقفز، وليس بثعبان لأنه لا يزحف.
إنني على يقين أنه ليس بسمكة، ولو أنني عاجز عن إيجاد فرصة لاختبار مقدرته على السباحة، إنه لا يعمل شيئا سوى الرقاد، إنه يرقد على ظهره ويرفع ساقيه إلى أعلى! لم أر حيوانا غيره يفعل ذلك، فقلت لها: إنني أعتقد أنه لغز. فلم يكن منها إلا أن أبدت إعجابها بالكلمة دون أن تفهم معناها ... وفي رأيي أنه إما أن يكون لغزا أو نوعا من الحشرات، وإذا قدر له أن يموت، فإنني سوف أقوم بتشريحه لكي أرى ما بداخله ... لم يسبق أن حيرني شيء مثل هذا!
بعد ذلك بثلاثة أشهر
إن الحيرة تزداد بدلا من أن تقل! إنني أنام الآن قليلا، لقد كف المخلوق عن الرقاد، وبدأ يحبو على أقدامه الأربع. ولكنه يختلف عن جميع الحيوانات التي تسير على أربع؛ ذلك لأن قدميه الأماميتين قصيرتان للغاية، مما يجعل الجزء الرئيسي من جسمه يرتفع في الهواء، وبذلك يبدو قبيحا إذا نظرت إليه ... إن تركيب جسمه يشبه تركيب جسمنا ، ولكن طريقة انتقاله تدل على أنه ليس من جنسنا، فإن الساقين الأماميتين القصيرتين، والساقين الخلفيتين الطويلتين تدل على أنه من فصيلة القنغر «الكنجارو»، ولكنه نوع عجيب من هذه الفصيلة؛ وذلك لأن القنغر الحقيقي يقفز أثناء جريه في حين أن هذا المخلوق لا يفعل ذلك ... ومع ذلك فهو نوع غريب شائق لم يسبق وضعه في القائمة من قبل، ولقد أحسست بأنني أستحق أن أنسب اسمه إلي؛ لأنني أول من اكتشفه ولذلك أسميته قنغر آدم!
ولا بد أنه كان صغيرا جدا عندما ظهر؛ لأنه كبر كثيرا منذ ذلك التاريخ، ولقد أصبح حجمه خمسة أضعاف حجمه الأول؛ ذلك لأنه عندما يكون غاضبا تصدر عنه أصوات مزعجة تعادل ثمانيا وثلاثين مرة ضجيج الأصوات التي كان يصدرها في بادئ الأمر.
إن العنيدة «حواء» لا تحاول أن تمنعه من ذلك، بل إنها على العكس تحاول أن تسترضيه بإعطائه أشياء سبق أن تعهدت لي بأنها لن تعطيه إياها. وقد سبق أن ذكرت أنني لم أكن بالبيت عندما ظهر هذا المخلوق، ولقد أخبرتني وقتئذ أنها عثرت عليه في الغابة ... لقد كان غريبا أنها وجدته وحده، ولقد أجهدت نفسي كثيرا لكي أبحث عن مخلوق يماثله حتى أضيفه إلى مجموعتي لكي يلعب مع هذا المخلوق، وبذلك تخف الضوضاء التي يحدثها، ولكي نستطيع أن نستأنسه بسهولة، ولكنني لم أستطع أن أجد له مثيلا.
ومن الغريب أنني لم أعثر له على آثار أقدام، إنه يعيش على الأرض، ولكن كيف يستطيع الانتقال دون أن يترك أثرا؟!
لقد نصبت اثني عشر فخا، ولكنني أخفقت، لقد سقطت في الفخ حيوانات أخرى، ولكن لم يقع حيوان مثله في الفخ، إن الحيوانات تدخل الفخ لمجرد حب الاستطلاع حتى تعرف سبب وضع اللبن داخل الفخ، ولكنها لا تشربه أبدا.
بعد ذلك بثلاثة أشهر
ناپیژندل شوی مخ