وبالاختصار أيها الصديق، رجعنا إلى القافلة وما انتشر خبر موته حتى علت الضوضاء، وناحت الفقراء، وبكت الضعفاء، وتأسفت الأغنياء والأقوياء، وتأخر مسير القافلة نحو ساعة زمانية ذهب فيها بعضهم لرؤية مدفنه، وبعد ذلك سرنا نطوي القفار طي السجل، وأنا غائب عن هذا العالم الدنيوي، وصورة ذلك الشاب مرسومة في مخيلتي فلم أنسها ولن أنساها ما عشت، وكلما غلب علي الشوق أنظر ورائي في ضوء القمر الساطع، وأطوح بنظري إلى الوراء، وأتصور في مخيلتي قبره ومقتله، فأذرف الدموع وأردد الزفرات، حتى وضعنا رحالنا في الصباح وعزاني من يعرفه في القافلة، وناحت الفقراء والمساكين قائلين: من لنا بعدك يا أبا الفقراء، ومعين الضعفاء؟!
والموت نقاد على كفه
جواهر يختار منها الجياد
وهذه هي الصورة.
وناولني ورقة ملوثة بالدم المصفر، فنظرنا إلى الصورة فرأيت أنها مصورة بالإسكندرية، وعرفت أنها ولا شك صورة حبيبته، ثم رأيت في ظهرها ما يأتي مكتوبا بعود مداده دم مصفر كلون الزعفران:
آه من سفر بغير إياب!
آه من حسرة على الأحباب!
آه من مضجعي فريدا وحيدا
فوق فرش من الحصى والتراب!
تفقدت من يبكي علي فلم أجد
ناپیژندل شوی مخ