فنظر إلي فبانت عيناه كالكهوف المظلمة الممتلئة بالدم.
فقال: قد أسلمت يسوع الناصري إلى أعدائه وأعدائي.
ثم فرك يديه وقال: قد أعلن يسوع أنه سيقهر جميع أعدائه وأعداء أمتنا، فآمنت وتبعته .
وعندما دعانا إليه وعدنا بمملكة قديرة وسيعة، ونحن بإيماننا شددنا أزره لننال المراكز الرفيعة في بلاطه.
فرأينا أنفسنا أمراء نعامل هؤلاء الرومانيين بما عاملونا به. وقد تكلم يسوع كثيرا عن مملكته، حتى اعتقدت أنه اختارني قائدا لمركباته، ورئيسا لجنده؛ ولذلك تبعت خطواته برضى وطمأنينة.
بيد أنني وجدت أخيرا انه لم يطلب مملكة، ولم يقصد أن يحررننا من الرومانيين؛ لأن مملكته لم تكن سوى مملكة القلب.
وكنت أسمعه يتكلم عن المحبة والرحمة والإحسان، وكانت نساء الشوارع تصغي إليه بلهفة وفرح شديد، أما أنا فقد تمرمرت روحي وتحجر قلبي.
فإن ملك اليهودية الذي وعدت به نفسي تحول فجأة إلى ضارب على القيثارة ليسكن حدة أفكار الهائمين والمتشردين.
فقد أحببته كما أحبه غيري من أبناء عشيرتي، ورأيت فيه رجاء وعتقا من نير الغرباء. ولكنه عندما لم يتلفظ بكلمة ولم يحرك يدا لتحريرنا من ذلك النير، وعندما تطرف فأعطى ما لقيصر لقيصر. حينئذ ملأ اليأس زوايا قلبي وتبددت جميع آمالي، فقلت في سري: إن من يقتل آمالي سيقتل؛ لأن آمالي هي أثمن من حياة أي رجل كان.
ثم صرف بأسنانه، وحنى رأسه. وعندما تكلم ثانية قال: قد أسلمته، وقد صلبوه في هذا اليوم ... ولكن عندما مات على الصليب مات ملكا. فقد مات في العاصفة كما يموت المنقذون وكما يموت العظماء الذين يعيشون فوق الأكفان والحجارة.
ناپیژندل شوی مخ