وأما الفلاسفة: فعندهم أنه جوهر بسيط، وربما أنهم قالوا إنه قوة يدرك بها المعقولات، وربما قالوا إنه طبع به مخصوصه.
وعند جعفر الصادق (عليه السلام): إن العقل ما جمع أمورا، وهي: الفهم، والفطنة، والدرية، والتثبت، والتدبر، وهو يريد بها شواهد العقل؛ لأنها لا بيانا إلا ممن هو عاقل، ونظيره قوله (عليه السلام): قسم الله العقل إلى ثلاثة أقسام: حسن الصبر لله، وحسن الطاعة لله، وحسن المعرفة لله، فمن كن فيه فهو عاقل، ومن لم يكن فيه فليس بعاقل، معناه: علامات العقل.
وقلنا: مجموع علوم عشرة:
الأول: العلم بأحوال النفس من كونه مريدا، أو كارها ومشتهيا، ونافرا ، وظانا.
والثاني: العلم بالبداية، مثل: أن العشرة أكثر من الخمسة، وأن الكل أكثر من الجزء.
والثالث: العلم بالمشاهدات.
والرابع: العلم بالخبرة والتجربة، مثل: أن الزجاج يتكسر بالأحجار، والقطن يحرق بالنار.
والخامس: العلم بمخبر الأخبار المتواترة مثل: أن مكة في الدنيا هذا مذهب أبي علي واحتج بأن قال: إنه لا يجوز أن يكون الواحد في طرف مدينة، والأخبار متواترة عن طرفها الآخر، ولا يعلمه.
وذهب أبو هاشم إلى أنه ليس من علوم العقل إلا بعد ورود الشرع، وإلا وجب العلم بذلك من أول خبر.
السادس: العلم بالقسمة الدائرة بين النفي والإثبات، مثل أن زيدا لا يخلوا إما أن يكون في الدار أم لا.
السابع: العلم بمقاصد [53ب] المخاطبين فيما خلا وظهر إذا خوطب بلغته، وكان الخطاب صادرا ممن يعلم ذاته ضرورة احتراز ممن خاطب الله تعالى، فإن الإضطراب إلى مراد الله تعالى بخطابه وإن جمع الشرطين المتقدمين لا يصح، والدار دار تكليف.
الثامن: ذكره للأمور الخلية قريبة العهد بالحدوث.
التاسع: العلم بتعلق العقل بفاعله مثل أن يكون زيد نجارا أو خياطا، وتحته رجل قاعد، وأنه يعلم أن التجارة متعلقة بزيد دون غيره، وهو القاعد.
مخ ۹۷