والثانية: طريقة الحكم، ومثالها قولنا: إن الطريق إلى العلم يكون الواحد منا قادرا هي صحة الفعل منه ويعذره على غيره، فإذا علمنا أنه حصل من أفعال الباري تعالى ما يتعذر على غيره اتخاذه وجب أن يكون قادرا كما يكون في الشاهد، وإلا عاد على كونه طريقا للنقض والإبطال، وهاهنا أصل وفرع وعلى وحكم، فالأصل هو الواحد منا، والفرع هو القديم تعالى، والعلة صحة الفعل، والحكم كونه قادرا فإذا كان الفرع وهو القديم قد شارك الأصل وهو الواحد منا في العلة وهي صحة الفعل وجب أن يشاركه في الحكم وهو كونه قادرا، وإنما سميت هذه طريقة الحكم؛ لأنه طريقة إلى الحكم ودالة عليه، وهذا المعنى هو الذي يشترك فيه في هذه الطرق الرابطة جميعها؛ لأنها أدلة على الحكم، ولكنا سمينا الولى علة الحكم لما ذكرنا من الشبه، ولم يحصل مثلععه في هذه الطريقة وإن وجب الحكم عندهما؛ لأن الشبه بعد وجه آخر وهو أن صحة الفعل مقتضيا عن كوه قادرا فلم يحصل التجوز بأنها علة؛ لأن الأمر بالعكس من ذلك، فلهذا كان الفرق بينهما من هذا الوجه.
مخ ۲۱۲