180

یاقوته غیاصه

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

ژانرونه

فإن قالوا: ليس عندكم أن الجسم لا يجوز خلوه الآن عن الألوان بعد [91ب] وجودها فيه، وإن جاز خلوه عنها فيما مضى فهلا جاز في الجسم أن لا يخلو عن الأكوان الآن، وإن جاز أن يخلو عنها فيما مضى قلنا إنا لم ندع في دلالتنا أن كل ما جاز خلو الجسم عنه فيما مضى جاز أن يخلو عنه الآن بكل حال، وتكفينا أن يجوز خلوه عنه على حال وهذا حاصل فيما اعترضوا به الألوان، فإن الجسم يجوز خلوه عنها في حال، وهو أن يبقى على ما كان عليه من الخلو عنها ولم توجد فيه شيء منها فمن حقهم أن يرونا في الألوان كما أريناهم في الألوان خلوه عنها بأن يبقى على ماكان عليه من الخلو ومعلوم أن ذلك لا يجوز عليها بحال من الأحوال فأما بعد وجود اللون في الجسم فإنه لا يجوز خلوه عنه لعلة أخرى وهو أنه نافي، والنافي لاينفيى لا بضد، وضده من بدعة، وقبله كما تقدم في أول الدعوى وقد احترز كثير من العلماء عن هذا بأن قالوا في الدلالة لجاز خلوه الآن بأن ينفي على ما كان عليه من الخلو، ولا حاجة إلى هذا الاحتراز على التفسير الذي ذكرناه، وإن شئت قلت في الجواب عن الإعتراض مرادنا أنه لو جاز أن يخلو عنها فيما مضى لجاز الآن؛ لأنه لو جاز أن تخلو الجواهر عن الأكوان لأمر يرجع إلى أن المتحيز لا يحتاج إلى الكون، ولا يضمن وجوده بوجوده، بل هو مستغني عنه لجاز الآن؛ لأن حال الجوهر الآن كما كان ولم يتغير عليه إلا مرور الزمان، وذلك لا تأثير له فيما يحتاج إليه في وجوده، وإذا كان هذا مرادنا لم يرد الإعتراض باللون؛ لأنه وإن لم يخل عنه بعد وجوده فليس لأنه محتاج إليه بعد وجوده بعد أن كان مستغنيا عنه، بل لأنه باق كما تقدم ونحن نعلم أن الجوهر غير محتاج إلى الألوان الآن، وإن لم يخل عنه كما أنه لم يكن محتاجا إليه فيما مضى، فقد صار معنى دلالتنا أن الجوهر لو استغنى عن الأكوان فيما مضى لاستغنى عنه الآن، كما في اللون وغيره من الأعراض، فإن الجوهر لما استغنى الآن لم يبق الإعتراض بالألوان بل صار لنا صحة والحمد لله وحده، وثبت الأصل الأول.

مخ ۱۸۳