الوجه الثاني: أن الأجسام في ذواتها وجوهريتها وتحيزها وجودها والأكوان متضادة بحسب اختلاف الجهات، ولهذا يستحيل أن يكون من جهتين في حالة واحدة، فيجب فيما يضاد من الأكوان أن يكون أمرا زائدا على المتماثل من المتحيزات وصفاتها التي ذكرنا، وإلا كانت متماثلة متضادة في حالة واحدة، وذلك محال بالضرورة.
الوجه الثالث: أنا قد علمنا أن الأكوان تتبدل على المتحيز وتتغير عليه فيخرج من حركة إلى سكون، ومن اجتماع إلى افتراق، ومن كونه في جهة إلى كونه في غيرها، والمتحيز بحاله في ذاته وتخيره ووجوده فيجب فيما تجدد وتغير أن يكون أمرا زائدا على ما استمر، وإلا كان الشيء الواحد متحدد غير متحدد، مستمرا غير مستمر في حالة واحدة وذلك محال.
الوجه الرابع: ماذكره الشيخ (رحمه الله) من أن الواحد منا إذا حرك الجسم الساكن أو سكن الجسم المتحرك فنحن نعلم أنه قد حصل أمر لم يكن؛ لأن الجسم قد تغير عن حالة الأول، ولا يجوز أن يكون هذا الحاصل هو الجسم لوجهين:
أحدهما: أن الواحد منا ليس بقادر على إحداث الأجسام فتكون هي الذي حصل بفعله.
والثاني: أن الجسم كان موجودا قبل تحريك الواحد منا له أو تسكينه واتخاذ الموجود محال، فثبت أن الحاصل الذي وجد من جهة الواحد منا هو شيء غير الجسم، وهو الذي يروم إثباته من الأعراض وتسميته حركة أو سكونا، ويكفي في تقدير هذا.
الوجه الرابع: أن نقول أنا قد علمنا أن الذي فعلناه ووقف على اختيارنا أمرا زائدا على ذات االمتحيز، وأن ذات المتحيزة غير مقدورة لنا للوجهين الذين ذكرناهما، فيجب فيما قدرنا عليه أن يكون أمرا زائدا على ما لم نقدر عليه وإلا كان مقدورا لنا غير مقدور.
مخ ۱۶۰