وأما الشرط الرابع: وهو أن يكون الخبر مستندا إلى المشاهدة، فوجه اشتراطه أن المشاهدة لا يجوز دخول اللبس فيها، والاستدلال يجوز دخول اللبس والغلط فيه فيما أخبروا عما شاهدوه وعلموه ضرورة حصل العلم بخبرهم، ولهذا لو أخبرنا الطائفة العظيمة بوجود بلد في الدنيا يقال لها بغداد لعلمنا صحة ما تقوله، ولو أخبرنا الطائفة بعينها أن الله يرى بالأبصار أو أنه لا يرى فإنه لا يحصل لنا العلم بخبرهم.
وأما الشروط الفاسدة فهي على ضربين:
أحدهما: يرجع إلى المخبر.
والثاني: يرجع إلى المخبرين.
فالأول: أن لا يكون المخبر قد سبق إلى اعتقاد جهل لشبهة وردت عليه، بخلاف مخبر الخبر وهذا شرط السيد المرتضى من الإمامية، قال: ولهذا قال لم يحصل للخصوم العلم الضروري بالأخبار المروية في إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)؛ لأنهم قد سبقوا إلى اعتقاد غير ذلك لشبهة، وهذا الذي قد ذكره لا دليل عليه.
والضرب [61ب] الثاني: الذي يرجع إلى المخبرين فشرط بعضهم أن لا يكون مذهبهم واحد أهل بلدة واحدة، ولا يكون سببهم واحد وأن يكون فيهم المعصوم وهذا باطل؛ لأنه لو أخبرنا أهل المسجد بأن الخطيب سقط من رأس المنبر على رجل فقتله، أو أن المؤذن سقط من المئذنة على رجل فقتله لعلمنا صحة خبرهم، وإن كانوا أهل مدينة واحدة وبلد واحد وأولاد رجل واحد، وليس فيهم معصوم فبطل قولهم.
وأما الموضع الثاني: وهو في الدليل على أن الله تعالى لا يعرف بالأخبار المتواترة، فالذي يدل على ذلك أن الأخبار المتواترة لا تكون طريقا إلى العلم إلا إذا كانت مستندة إلى المشاهدة، وهو تعالى لا تجوز مشاهدته، والدلالة مبنية على أصلين:
أحدهما: أن الأخبار المتواترة لا تكون طريقا إلى العلم إلا إذا كانت مستندة إلى المشاهدة.
مخ ۱۱۵