وقد علم أبناء البدو والحضر، وأنشاء المدر والوبر، من حيث مد الصبح جناحيه إلى أن ضمهما «4» للوقوع في أفق الغرب، أن راية الإسلام لم تظل على سلطان أحسن دينا، وأصدق يقينا، وأوسع علما، وأوقع حلما، وأسد سيرة، وأخلص سريرة، وأتم وفاء، وأعم سخاء، وأوفر حياء، وأغنى غناء، وأعظم قدرا، وأفخم ذكرا، وأمد باعا، وأشد امتناعا، وأجل جلالة، وأكمل عدة وآلة، وأرفع ملكا وسلطانا، وأطوع أنصارا وأعوانا، وأروع سيفا وسنانا، وأحمى للإسلام وذويه، وأنفى للشرك ومنتحليه، وأعدى للباطل ومن يليه، اكتسابا ووراثة وطباعا واستفادة، من الأمير السيد الملك المؤيد يمين الدولة وأمين الملة، أبي القاسم محمود «5» بن ناصر الدين «6» [6 أ] أبي منصور سبكتكين «7» ملك الشرق بجنبيه، والصدر من العالم ويديه، لانتظام الإقليم الرابع «1» وما «2» يليه من ثالث الأقاليم «3» وخامسها «4» في حوزة ملكه، وحصول ممالكها الفسيحة، وولاياتها العريضة، في قبضة ملكه، ومصير أمرائها، وذوي الألقاب الملوكية من عظمائها، تحت حمايته وجبايته، واستدرائهم «5» من آفات الزمان بظل ولايته ورعايته، وإذعان ملوك الأرض على «6» بعدهم لعزته، وارتياعهم من فائض هيبته، واحتراسهم على تقاذف الديار، وتحاجز الأنجاد والأغوار «7»، من فاجى ء ركضته، واستخفاء «8» الهند والروم تحت جيوبها عند ذكره، واقشعرارهم لهب الرياح من أرضه.
وقد كان- أدام الله دولته- منذ لفظه المهد، وجفاه الرضاع، وانحلت من «9» لسانه عقدة الكلام، واستغنى عن الإشارة بالإفهام، مشغول اللسان بالذكر والقرآن، مشغوف النفس بالسيف والسنان، ممدود الهمة إلى معالي الأمور، معقود الأمنية بسياسة الجمهور.
لعبه مع الأتراب جد، وجده مستكد «10»، يألم لما لا يعلم حتى يقتله خبرا، ويحزن لما يحزن حتى يدمثه قسرا وقهرا.
مخ ۱۰