343

وقد كان أدرك له ولد في صدر وزارته يعرف بأبي القاسم محمد بن الفضل، فبرع على ميعة الشباب، في وجوه الفضائل والآداب، حتى استطار ذكره، واستطال قدره، واستفاض نظمه ونثره. فمن شعره قوله في أبيه من قصيدة: [194 ب]

لقد أربى أبو العباس جودا ... على جود الربيع لمعتفيه

ففي إحدى يديه ممات قوم ... وفي أخرى الحياة لمرتجيه

لقد خضعت لك الدنيا ودانت ... فهل مرقى سواه فترتقيه

وأقبل نحوك الإقبال حتى ... غدا بصرا وأنت النور فيه

فنورز ألف نيروز سعيدا ... رفيع الجد في عيش رفيه

وله أحجية «1»:

وزنجية قادت إلى القوم بضة ... لينكحها من كان يعشقها قدما

فقام إليها واحد بعد واحد ... ولم نر ذما فعلهم لا ولا إثما

وأدركته حرفة الأدب «2».

واختطفته يد المنية أنضر ما كان عودا، وأثبته عمودا، وأبهره سعودا، وأحمده قياما وقعودا.

وحكى لي بعض أصحابه أنه أصبح ذات يوم يروي بيتين «3» تلقنهما «4» في المنام وهما «5»:

أرى الدنيا وزخرفها ككأس ... تدور على أناس من أناس

مخ ۳۵۷